سليم البيك يرمّم فسيفساء الروح
لم يقصد سليم البيك في نصوصه المنشورة بعنوان «خطايا لاجئ» (دار كنعان ـــ دمشق) أن يذيع رسالة غفران. حتى ولو بدأ كتابه بالاعتراف بالذنب. وإن صدّق القارئ أنه أمام نص يحمله إلى كرسي الاعتراف، ليدرك لاحقاً الخديعة الكبرى: الخطايا ليست سوى أحلام لاجئ، فقد قصد أنّ أحلام اللاجئ، في نظر المذنب الحقيقي، ليست سوى خطيئة استحق عليها ألوان التشرد والهجر والحرمان. وأي أحلام تلك الممزوجة بطعم الشهوة المر في اللجوء المعتق. هي نصوص في فسيفساء الروح رصعت بخزف جميل على رقعة الغياب المقيم على جنبات حياتنا، وفي عقولنا، فصاغها على صفحات كتابه. هي غليان في بركان وجداني عميق، استطاع أن يبوح به إلى العلن، وعن عشق لطقوس وطن متخيل، لم يعش فيه ولم يتنشق نسمة من هوائه. لكن الحنين أقوى من المنفى، والإرادة تنتصر على عقوبة الغياب. لقد اتّبع أسلوباً جميلاً رشيقاً وشفافاً، للتعبير عن ذاته وذوات اللاجئين من وطنهم، وكأنه يعود بنا من ضياع طال إلى وطن ينتظر. لقد عبر الكاتب بالفكرة إلى فلسطين، تخيّل المشهد بتفاصيله، وصل إلى برتقاله وليله ولون سمائه من خلال جليلياته، ويتبين ذلك بقوله: «وأنت تعرف أن الليل، وإن احتواه العشق، لن...