من رواية إيفان الفلسطيني
قد تكون هناك أسباب أخرى تجعل الحياة بلهاء ورتيبة ولكنها لا تأتي، هذا المساء، على بالي. حينما تضيع الأمكنة، تتلاشى معها الأزمنة ولا أكلف عناء نفسي في البحث والتنقيب داخلها. الساعة توقفت في يدي فأحسست أن العالم قد توقف. الضيف الأبيض، قد أغلق الطرقات، وتكوم الثلج فوق نافذتي، فحجب الرؤيا عن الخارج تماماً، هاتفتني حواء بأن ألازم البيت، ولا داعي للحضور إلى العمل، لأن المواصلات العامة قد توقفت، انتهزت الفرصة للتعويض عن خسارتي للنوم، وتواعدنا على اللقاء مساءاً في حال تمكنت فرق الأشغال من فتح الطرق. اتقلب في سريري ورأسي الثقيل يتمرغ على الوسادة، استيقظت قبل المساء بقليل وأنا أشتهي النوم، ولكني شعرت بالجوع فأنا لم أتناول شيئاً منذ الليلة الماضية، أحسست بهبوط في جسدي وتمنيت حضور صديقتي حواء، في قلبي حنين غير عادي لاحتضانها، أهرب كطفل إلى أرجوحة صدرها. رنّ الهاتف، فقطع صوتها العابر إليّ هذياني، وأنا لم أعد أتصرف كأني ساكن البيت الوحيد، أتوقع أن ينتشل صمتي ذاك الشخص الغريب. إيفا قادمة هكذا قالت، فأوصيتها أن تحضر ما يمكنها حمله من طعام، كان صوتها مشفقاً، وأعلمتني أنها تبحث عن فسحة دفءٍ تقضي...