من أعطاك المنشور؟؟
عدت بي يا رفيق، إلى زمن المنشور، لم أكن أعي خطورة هذه الكلمة لدى عسس السلطة في ذاك الزمن، " زمن العريف بصل ". كل ما كنت أعرفه أن المنشور وقتذاك هو عبارة عن ورقة يدسها أناس مجهولون بين شقوق نوافذنا الخشبية وتوزع تحت جنح الظلام. أي قسوة غياب تحمل الذاكرة ثقيلة الظلال كأنها تقيم في وطأة المستحيل، إلى مربع الطفولة الغريبة والجميلة، نعود القهقرى من وداع أخير إلى لقاء أول، ومن غربة جديدة إلى غربة قديمة، مسقط الرأس الذي ضمنا في حضنه الدافئ في مخيم نهر البارد، كنت مع ثلة أولاد من رفقة الحارة لا يتجاوز أكبرنا العشر سنوات يوم شاهدت فتى عنيد وصلب، قوي البنية، يطوي أكمام قميصه حتى كتفيه ويكبرنا بسنوات، ركن دراجته الهوائية ودخل إلى قلب مقهى " العبد درويش " في حارة السوق. توقفنا عن لعب كرة القدم في الزاروب المحاذي للمقهى لحظة نشوب عراك وضجيج داخله، تجمعنا لنرى من النوافذ ماذا يحدث وما الخطب. القلوب تخفق بإيقاع غير عادي وأجسادنا الصغيرة ترتعد ونحن نشاهد عدة أشخاص من الدرك، كان مجرد ذكر كلمة دركي تشعرنا بالخوف، فكيف وهم ينهالون بالضرب على شابين !؟ وواحد يصرخ ويشير للآخر، ولكن ...