خيمة وبتمر... يا شيخ
عدسة الكاميرا تسبق الحقيقة، تتسلل إلى قاعة أرضية لتختلس مرارة الخديعة من صورة الكتب المحترقة والممزقة وسط الدمار وبقعة من البحر. تقول المراسلة التلفزيونية الغبية «هنا، في هذا الملجأ الضخم وسط وكر الكتب المشبوهة والأجهزة الإلكترونية كان يقبع الإرهاب»! هكذا قدّمت رسالتها السامّة ومضت. وفي الحقيقة كان ما اشارت اليه ملجأ سبق تدميره مرات عدّة من قِبَل زوارق البحرية الإسرائيلية. بعدها قرّرنا بناء قاعة تحت الأرض تحولت إلى ناد رياضي، ثم الى منتدى الكرمل الثقافي، وفازت كمكتبة مدعومة من «مؤسسة التعاون» لاحتوائها آلاف الكتب والمراجع العلمية لطلبة وشباب المخيم، والأهم أنه أطلق عليها اسم «مكتبة الشيخ صالح شعبان»، بعد وفاة هذا الاخير، قبل تدمير مخيم نهر البارد بعام تقريباً. في المخيم القديم أحشاء قديمة، صوَرٌ ومشاهد تتكدّس في الخيال البعيد، لكن بالأبيض والأسود. ذاكرة متمرّدة كموج بحر عكا وخصبة كتراب الدامون. شيخ كفيف يمدّ عصاه أمامه، وينقر على حوافي الحيطان في الزواريب الضيقة. يعرف تفاصيل تاريخ المخيم وأهله، وكل شاردة وواردة ونادرة حصلت فيه.بحق هو «طابخه وعاجنه». الخبير بأسرار الحارات والتنظيما...