أنا ابنها الذي غادرها منذ سبعة وثلاثين سنة. كان لوقع تحطّم الزجاج الأول في المطار موسيقى خاصة. إنفجار يشطرني على مساحة الحزن. أحسست بسقوطه المريع على رخام الردهة الخارجية. كنت أعبر من شفافيته كأني الشخص الوحيد الذي نصبت الأسوارحصرياً له… ولكنّي عبرته. لا تعرف شلال الشوق وهو يدلف من القلب نحو أطراف الجسد. كنت أسأل إن كانت الحواجز والقيود والأسلاك تقوى جميعها على ضبط أحاسيسي المندلقة أمام شبق شرطة المطار، وكيف تستلقي حقيبتي وتفتح ذراعيها وتلفظ أمعائها أمام رجال الأمن، لكني تنفست الصّعداء، وعزف نبض قلبي على إيقاع الموعد الآتي. سألتقي غزة… نعم.. هي هناك، خلف زجاج انكسر، وصار في جدارها الزجاجي معبراً صنعته معاول الجياع… وفجوة كي أنسل منها. الفجوة المفتوحة تتنفسني مثل زفير عاشق؛ لِمَ لا أكون شهيقاً يسافر على شراع الحلم؟!! كنت أحاكيها بالحركات والإشارات.. في الغياب….وقبل أسبوع وقفت على الجدار، وكنت قد وصلت ليلاً إلى تلك الفجوة الطريّة ولكنّها استعادت يباسها القاسي يصدّ من جديد. رياح ساخنة.. بنادق حاضرة.. متوترة، وارتعاش في الروح، جسدي يبقى خارجها. أمّا رفح وبعد… فآذانها وأصوات ناسها وصراخ أطف...