حتى لا تكون الكتابة ترفا
الجديد اللندنية مروان عبدالعال لا أعتقد أن الرّوائيّ يحتاج إلى كارثة إنسانيّة ليكتشف ما يشبه البديهيات، لأن الكتابة نوعًا ما هي رمزٌ لصداقة الرّوائيّ الخاصة مع الحياة، لأنه أكثر الناس إلمامًا بكل تفاصيلها وتناقضاتها ووجوهها وشواهدها ومن دونها يفقد نفسه ويخسر طعم إنسانيته. عايشت واقع الدّمار شخصيًا وتعرفت على أشياء بالواقع الحي تذوقت طعمها الحقيقي أكثر ممّا هي توصف في الكتب، شممت رائحة الخراب والدّم الجاف والتراب المصاب بالعطش والبيوت الفارغة بالحيطان المحروقة ودون أبواب وناس وعرائش عنب. يومها أدركت أن لا قيمة لما يُكتب إن كان خارج العالم، فإما أن يكون النص جزءا من العالم وإلا سيتحول إلى إحساس مفترض ويتحول الرّوائيّ إلى مثقف “غيتو”، يعيش مع نفسه تحت مبدأ “عدم التدخل في شؤون الآخرين” بهذا يكون قد رفع الراية البيضاء ليلتحق بطابور الخوف أو ينزوي في خلوته ويكتب كل شيء ولكن خارج المضمون. لقد شاهدت بأمّ العين والروح لحظة الدّم تلك وهي تتسع كلما ضاقت رقعة الوعي، ويتحول الأدب إلى وظيفة رسمية أو مجرد مهنة في قاعة الدرس والتّرقي في المناصب الوهمية، وزمن الاستبداد...