المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس ٢٦, ٢٠١٢

أنا والفدائي والشنفرى

صورة
عُثر في جيب القتيل على دفتر جيب مدرسي بحجم الكف ، غلافه بلا لون لكنّه مخضّب بالدماء، يده اليسرى المثنية إلى أعلى الصدر تمسك قلماً، والأخرى تمتد تحت سترته بكفّ يدٍ مفتوحة الأصابع لتلامس التراب، يوحي شكلها كأنّما كانت تمسك ببندقية. تكوّمت حوله أعشاب خضراء تشوّهها بقع من دم ناشف وأغلفة فارغة من طلقات الرصاص، وبعض زهرات حمراء من البرقوق، تلازم حدود الجثة. القبر أيضا منضدة للكتابة، فيها أوراق بيضاء مطوية على خطوط سرية فيها أسماء وعناوين وتاريخ الالتحاق بالثورة، ولم ينس أن يدّون مكان وتاريخ الميلاد بالسنة والشهر واليوم والساعة. أدركتُ يومها أنّ ثمة كلام لا يقرأ بالعيون أيضاً. لم أدقّق باسم القتيل المستتر ،كل ما عرفته أن جنسيته عراقية، هارب من استبداد النظام ليقاتل مع الثورة في الجنوب ويستشهد في بيروت عشية أجتياحها عام 1982م وبرصاصات عاهرة أطلقها مخبر سري، بعد تعاون متخصص بين عدة اجهزة مخابرات عربية. انتحل إسماً حركياً، "الشنفرى". هنا يرقد أحد صعالكة العرب، ولا يدري به أحد، تحضنه جذور صنوبرة في مقبرة الشهداء على دوار شاتيلا . صحيح أني تعبت من السير في الجنائز، ومن زيارات