المشاركات

عرض المشاركات من فبراير ٢٧, ٢٠١١

صندوق أبو ماهر

صورة
لم يعد يليق بي إلا السكوت. أبيح لنفسي أن أفسّر صمتك، لأن في فمك ماء. لقد فشلت كل المحاولات باستدراجك إلى حديث مسموع أو مرئي أو مقروء، مكتفياً " بالصندوق "، قبل أن تقشع النور تلك الأجزاء الخمسة من سلسلة ذكرياتك " تجربتي مع الأيام " ، ربما وجدت صمتك أكثر صدقاً من زيف الكلام وموضة تلفيق الأوهام فأعلق " من الصمت ما نطق "، كنت تهزّ رأسك عابساً وتضرب كفاً بكف، ونحن نقرأ على جبينك علامات الحسرة. دقّت ساعة الرحيل، فاخترقت بوقعها الثقيل، جدار الصمت القابع فينا، على موج سفر يوغل في ثنايا الصندوق، يضج بتوتر أسئلة معلقة منذ ستة عقود على عمر يؤرخ لدرب جلجلتنا. كأنما صندوق يجيد الكلام ببلاغة لسان عربي، حبست فيه الأسرار، ولفعتها بالكتمان إلى حد الإصرار، ألم تؤكد أنه ولو بعد صبر، لا بد للصدى أن ينطق. فاض من الصندوق الكرتوني البارد، حرارة شوق عتيق إلى حلم مستحيل، يثقل غياب صاحبه في وعد مؤجل نطارده بأوطان مؤقتة ضمّخت قواميس المنافي، منذ مسقط أحلامك في " سحماتا " فسرت خلالها ظلال ذاكرة طفولية لنشيد صباحي كتبته أنت ورددته أجيال خلفك في ساحات المدارس منذ نعومة