المفكر الذي ما استقال من السؤال !
مر زمن على رحيله، وهو يفعل في ذاكرتنا ووجداننا، ويتفاعل في كيميائنا الروحية، يكوّن ذاتنا وهي تشكل على أدبه، وحسّنا الذي ينمو بإبداعاته، ونستمر مع كل ذكرى لغيابه نبحث عنه وفبه، بأبعاده وخلفياته، في فكره وحلمه، ولنكتشف كل مرة خسارته تكبر وحزننا يتسع، وأن ثمة قصة لم تكتمل، وحكاية تضاف، وسؤال يشتعل. عادة نكرّم الشىء من مدخل صناعه، مثلما الإبداع والعلم والثقافة والفكر والفن، والجدير اليوم أن نكرّم السؤال من مدخل السائل.. السؤال الذي ميزانه عقل ومبتغاه الحقيقة وأسهم في اكتشاف كنزنا الثمين الكامن في ذاتنا، والذي بات خطراً على العدو، يستحق الاسقاط، فكان السائل " غسان " شهيداً كي يلحق السؤال به وتتبعثر الأجوبة في غيابه. السؤال الذي دق به غسان كنفاني جدران رؤوسنا عقب هزيمة 1967، في صدى الفراغ الذي ارتعش في آذاننا، باكتشاف سهل وممتنع بأن يسألنا ويسأل ذاته : " ما الذي حصل لنا يا ترى، ولماذا حصل ما حصل ؟ وهل ثمة خطأ في المعادلة ؟ ودائرة الفكر السياسي المحكم عند غسان كنفاني، ترفض أن تلتقي الحقيقة بصورة عابرة ولا يشبع ذاته نصفها. تجده يغوص في المعرفة يبحث بأسئلته في أصل الأشياء، يعيده...