المشاركات

عرض المشاركات من أبريل ٢٦, ٢٠٠٩

من رواية ((حاسة هاربة))

صورة
قد يعود الحي.. لكن كيف ستعود الصورة! حاسة فانية.. أم حاسة في العناية الفائقة، أم حاسة غير قابلة للتصرف.. قلت ومضيت. من قفير إلى قفير كنا نتنقل.. حزيناً بلا ذكريات، أدوس عليها تحت رجلي. غلاف يتشح بالرماد، جدران خارجة من احتراقها. لبس الحي ثوباً من الدخان. وغرف جميعها تعرت مثل راقصة خلاعة، أو تغنج بنصف ملابس مثل مغنية. ملأئتها رائحة الرغبة. نوافذها انفتحت، وأبوابها مخلعة مثلت قاعات لهو خالية من روادها. بقايا أفرشة توحدت بلا ناسها، فانتفخت، منسحبة من غرف نومها. وتتلوى كأمعاء خارج البطون، وتشكو من انتقاد أجساد دافئة، منزل محترق ومهجور، وعلى بلاط الغرف، بقايا ريش حمام التصقت على زجاج مكسور. بقايا أواني منزلية تنتشر على زوايا الغرف وخارجها وفي الزواريب والشوارع. غبار في زمن الاضطراب، أريد أن أودّع المكان. أن أتكلم معه، لم أكن أنا الهارب منه بل هو الهارب مني.. تختطفه الروح الغريبة، بفحشها وشبقها وشهوتها وموتها. من يطعم الأسئلة الحائرة داخلي؟؟ رقصة الدهشة القاتلة تجفف حلقي، والهروب من أجل البقاء، حرقت مآقي العيون، أنا أفر وهي تضمحل. أجر أقدامي مع ثلة كل ما بقي في المكان من إنس. متسللا...

وهل يموت القمر؟

صورة
ذات قمر، مات منذ أدمنّا الموت. فالقمر هجر القرية وقرر الخسوف فجأة بغير موعد وبدون سابق أنذار، أخذ أجازة نهاية الحياة، ولم نعد نره هناك، وحكاية غانم مثل الموت تروى من ذاكرة قررت هي الأخرى أن تقبض على الحياة وتقدم أوراق اعتمادها للغربة في مرتبة لاجئ فوق العادة. عظمة الموت عندما التقى غانم مع حبيبته الأرض..وخلفه بكى القمر في نحيب ما زال يزن في عقولنا ويختمر. ربما يحسد الارض كيف تبتلع ظله وحدها. كان الموت احتفالاً لأنه للعظماء، وصار العظماء صغاراً فصغرت هيبة الموت معه. هل قلت لك كيف مات غانم؟؟ إن لم تعرف إحتفال الموت ، لا يمكن أن تعرف بهجة الحياة!! حتّى مهما كان سبب الموت سخيفاً. كان مولعاً بالنّساء، حتى أنه قد تزوج من أربع نساء، آخرهنّ تلك التي رمت له منديلها المعطّر، في ساحة " الغابسية " وهو يهمّ برفع العمدة أمام أعين الجميع. قال لمن هذا المنديل الطيّب الرائحة؟ صاحبته حلال عليّ، وتزوّجها. ذات قمر كان يسير في البراري وبين بيادر القرية، غير آبه بتحذير الشيخ محمد العبد الله، الذي كان يحدّث الجان ويكتب الحجب ولا هم له إلا التعبّد في صومعته، كان يقول له:...

وترٌ من قمر

صورة
ولد غانم تحت قمر، غير هذا القمر، يرتفع فوق قرية فيجعلها دائماً تخرج من النسيان لتصير معزوفة على وتر أرضها ليست مثل هذه الأرض تتسع للحساسين والبلابل، واليعاسيب وحتى لدبات النمل، وتحليق الفراش.قمر يستقر فوق قرية جميلة تتوزع داخلها البيوت الطينية، المملوءة حيطانها من الخارج "بجلة" البقر، المنشور في الشمس، كي يستخدم في طهي الطعام وإشعال المواقد ولد هناك من سلالة عائلة، تمتد نحو الأولياء وتكثر فيها الزعامات والمقامات والطقوس، الدينية، والصوفيّة وأهل الأرض وفالحوها على أرضها انتشرت البيادر وتين القرية الشهير المسمى "الموازي" تيمناً بلذة طعم الموز. ولها حواكير وبيادر وأحراش من الصبار والزعرور والزيتون والخروب والدلب والسماق. وتفترش في ربيعها أثواباً خضراء من الطَيُّون ولها وعر، يمتد ودياناً تنمو داخلها نباتات طيبة آالزوفة والزعتر والميرمية والسنارية والعكوب والقَرصْعنّة وكل أنواع البقلة التي تجلبها النساء بعد أن تهيج من أول زخة مطر ولد غانم في "الغابسية"، "قرية الرماد"، وصديقة القمر. المعلق فوقها، مرت تحت ظلهِ قبائل وأمم على مر التاريخ عبرت وهو مستقر ف...

فرس أيوب

صورة
فرس أيوب أيوب الصغير يروي الوجه الآخر كصورة تستحضر إلى قلب المشهد عن حكايات تناقلتها الأجيال، فبدأ يسلسل روايته من جده أيوب.. كان أيوب شاباً وهو يرسم صورة سفره، يقول: لولا ضوء القمر لما استطعنا أن نقضي على موقع "الإنجليز". عندما مضت الفصيلة التي يقودها "رباحُ العوض"، يومها استشهد ابن عمه (عبد الله). رفض الانسحاب قبل أن يعود بالجثة. لم يستطع حملها إلى الغابسية فدسها في مغارة خبيئة مجهولة قرب قرية " الزيب". بحثوا عن الجثة وبعد ستة أشهر وجدنا المغارة.. كان الجسد محمراً طرياً طازجاً.. "سبحان الله" كأنه استشهد تواً. اقتنى أيوب فرساً بيضاء.. يجوب بها الحقول و"يتغندر" فوقها معتزاً. وعندما جاء اليهود، تراءت له وجوههم كالغربان السود تتراكض في ساحة القرية معقوفة المنقار، تحرق البيوت وتعبث في متاعها وتقلع أهلها.. يومها حملوا ما تيسر من المتاع والأطفال على ظهور البغال شدوا الرحال ومضوا شمالاً، وغادروا القرية. وإكراماً لمعشوقته الجميلة الفرس البيضاء قرّر لها طيب البقاء في كنف القرية. الفرس شريكة حياته. في السكن والعمل والطريق أبت البقاء ولحقت بالموك...