المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر ٢٦, ٢٠١٧

حكاية الرواية الأولى

صورة
أصالة المكان وروح الزمان وسرّ المعنى حدث في قاعة للمناسبات الاجتماعية داخل المخيم، في حفل يشبه ميلاد الابن الأول، قبل عقد ونصف، عام 2002م أطلقت روايتي الأولى “سفر أيوب ” وسط حشد من الأصدقاء، شرعت في قراءة نفسي من على كرسي الاعتراف فكان البوح الأول: “اسمحوا لي أن اقرأ لكم نفسي، فأنا هنا كي أعترف، لا توجد مشقة أكبر وأعسر من تلمّس المحاولة الأولى والبداية الأولى والحكاية الأولى”. كنت أقرأ هذه السطور بصوت خافت ومرتجف، يهتز ويضطرب ويتدفّق ثم يتصاعد ويتموج بلغة سردية تتداخل وتخفق فيه نبضات ممزوجة من الرهبة والفرحة. عندما قلت “أعترف أنّ الكلام ليس لي، والحضور ليس لي، فالراوي الأول هو أصالة المكان وروح الزمان وسرّ المعنى”. يخلق الفلسطيني وتخلق روايته معه. أنجبني والدي مع الحكاية وملكة الكلام، أمي تروي قصص القرية بذاكرة حيّة ويقظة باستمرار عن فرس جدي البيضاء وقوة خالي غانم الأسطورية وطقوس شجرة السدرة، وموت شقيقتها عطشاً يوم النكبة، وأبي الذي يقتني مكتبة، يشتري الكتب القديمة من سوق الأحد ويقوم بتجليدها وتجديدها وتخطيط عناوينها من جديد، أكثرها روايات تاريخية، فضلاً عن موهبة الرس

“فصل من رواية “الزعتر الأخيـر”*

صورة
اعترف لك أنني عشت كواعظٍ فطن يرتكب خمسة أغلاط حسابية جرّاء سقوط خنفساء. لا أزال مهووساً بالماضي منذ علمت أنني مصاب بمتلازمة الاستذكار، وأنا لا أصدق نفسي، من أين أتتني هذه القدرة الاستثنائيّة على التّذكّر، لا أعرف إن كانت هذه نعمة أم نقمة؟ صرت بنظر البعض شخصاً متعباً وأحياناً مبالغاً بالتفاصيل والدقّة وتلاوة تسلسل الأحداث، ومنهم من ينعتني ساخراً بالفيلسوف، كثيراً ما رغبت بالبكاء والصراخ ولطم وجهي ودق رأسي بالحائط، هكذا فأنا لا أستطيع أن أنسى الوادي، هو أمامي بكل تفاصيل الديار، ومن يقطن فيه من ناس ومَوَاشٍ ونبات وأحراش، هذا هو بيتي وعشيرتي وربْعي، إنّه شيء يشبهني وموجز وبسيط لكنّه عظيم، وطني هُم الذين أحبهم، وطني أنتم ولا أحد سواكم. عادت الذاكرة تستعيدني، مثل المنام الذي يطاردني، منذ أن غادرت وادي الحنداج، سيدنا المنطار”خنّاق العصافير” العارف بعلم الغيب وبأحوال العباد والبلاد والإنس والجان، وقد وقف يصد الناس ويمنعهم من ترك الوادي أمام قصف الطائرات، ويقول هذا امتحان من الرب، لماذا تهربون منه؟ والناس لا تصغي لمواعظه كما من قبل هاربة في الوديان، وأنا في سبات عميق مجرداً من ملابسي. لم