صديقي (زوربا) الغزاوي


إلى صديقي (زوربا) الغزاوي
Happy new Holocoust
مروان عبد العال
سنة جديدة يا صديقي الغزاوي هناك... لتعلم أني أبحث عنك في جنبات الضوء الباهت المنكسرعلى ظلال الليل.
سنة جديدة ، تحضر معها وجوهكم واحدا واحدا ، تتعدد الأسماء وتتوزع على مساحة تلك اللوحة السرياليه مثل القطاع، جميل ،كايد ،رباح، أيمن ، سوزان، آمال، مريم، غازي، رجب ،محمد، حسن، وجميع الاحبة عامة وخاصة أنت أيها الدافئ الشقي،لماذا لا تشق الليل كقذيفة؟أو يخترق صوتك بكارة الصمت ،أو تضيء من بعيد على ضوء البرق المميت ؟
لا يليق بك أن تغادر في سنة حملت ما شاءت من دمنا ورحلت أم ستكون أكثر حصافة من الموت كي تلتهم كل تفاصيلها الممتعة، حتى انك تريد ان تموت راقصا مثل (زوربا) بطل رواية كزنتزاكيس.
سنة جديدة كنت في لبنان مقاتلا،فرحا راقصا عاشقا للحياة وعدت الى غزة مشبعا بالغربة.
كنت هنا في مخيم عين الحلوة خارج الوطن وعدت الى مخيم جباليا داخل الوطن.... رغم انك لم تخدعك التسوية بان غزة ستتحول الى سنغافورة اخرى ولا بخيال اكثر وهما ليصرح احدهم أنها ستكون ماليزيا اخرى.
يا صديقي العابر بين مخيمين ووطنين ومنفيين ونحن هنا ما زلنا نشرب القهوة في بيروت وفوق رغوتها البيضاء تلتمع صورة غزة .
ربما تحضر معنا كل سخريتك الغزاوية " بالشخرة " يوم مازحك امين سر الجلسة ان تشطب من المحضر ، وفأستهجنت كيف يستطيع كتابتها اصلا؟ وتخترق الغرفة تلك الضحكة الصاروخية المعروفة كماركة مسجلة لك. وان اكتشفك أحدهم أنك من غزة تصرخ مازحا :"غزة وغزتين انشالله"على وزن اللازمة الفلسطينية الجليليه :"عزا وعزايين انشالله" .
سنة جديدة قادمة ولم تستطع بعد افراغ ما شربته شرايينا من غضب ,من ايقاع القتل الذي تمارسه آلة الموت وهي تتحطن اللحم بالدم بالتراب .
صديقة في بيروت لديها فكرة أن نعبر عن تضامننا بجنازة، تحمل توابيت فارغة ولكن موشحة بالسواد. وصديق اخر لديه فكرة اخرى، ان يلبس الفتيه الاكفان البيضاء ونطوف شوارع بيروت.
اعرف كم أنت مولع بالحياة، لم أستطع ان أكون أبا لاي فكرة ولا حتى أبنا لها،فلا تتهمني باللامبالاة للدم المهراق. لم ترقني فكرة الفرز بين أكون مع التابوت أو مع الجثة، لست من هذا الفوج الصامت وأنت تعرف، ظللت حائرا كيف أعلن سخطي، حتى أسعفتني يا (زوربا غزة) رسالتك الطازجة كالدم، تحدد فيها هدف العدوان، وبرأيك (إنهم يريدون قتل ينبوع الحياة).
غزة فيها ينبوع الحياة الفلسطينيه، الرحم الذي ينتج قنابل ديموغرافيه، الأم الولادة للهوية الوطنية ومنها اشتعلت الهبات والانتفاضات والمقاومات بالوانها، أنعشت ذاكرتنا واعادة الحياة لنا بموتها، يوم وصفها العدو في الانتفاضة الاولى بأنها فرن الانتفاضة فمن كورها يندلع اللهيب وتمنى لو يبتلعها البحر.
سنة جديدة تعبر على دوران في قاعات المدن، تجوب الشوارع على رقص اكفان وتوابيت ومنها الابيض والاسود، مشاهد صاروخ يقهقه ساخرا لعجزنا وأخر يشخر من تواطئ نظم تنام قريرة على وسادة موتنا،ويسقط فترتعد الارض حزنا كيف يصير الانشطار تمييزا بين الوان الدم البشري؟
أدركت ياصديقي ، معنى العنصرية في قاموس الامم الكبرى، يعلنون التوبة عن "هولوكوست" لم تقترفه يداك، ولكنك تدفع الثمن بمحرقة جديدة، لأنك لم تصدق ان عليهم وقع ألأختيار الإلهي، ووحدها الام الغزاوية التي شاهدتها تبحث في ركام بيتها عن بقية اطفالها الخمسة،تستهجن كيف لبس الكذب ثوب الحقيقه و صار قتل ابنائها على الهواء مباشرة فعل ملائكي.
صديقي،ضقت ذرعا بالقيود واعتبرت السلطه قفصا وسجنا ووهما، دعهم يصنعون موتهم فهم لا يدركون ان الحياة ستولد من مقاومة بلا قيود. ودع العالم ينعم برأس سنة جديدة وبمحرقة جديدة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قلم أخضر

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

ميدوسا": خِزَانَة تَجْر الْبِلَاد اليوم الثامن