قبل الكلام وبعده!




بخطوات مرتعشة تعانق الرصيف الغريب، تعبر بحنانها بلل الماء على عجل، تنتشي الروح بمطر نيسان وتستعيد أنفاسها المقطعة من سفر الشوق المسجى تحت عجلات الأيام، على درب الحلم كان يعبر بين ما قبل الكلام وبعده.
كان العشب الأخضر يتدلى من العينين، يبرق في زاوية المقهى الليلي مشبعاً بعطر السماء، تهب الكلمات كوهج النار لتضفي على شتاء ما فات دفئ اللقاء فقد حان وقت الربيع و نخب البداية.
بلهفة عبرت وما غادرت قبل الكلام وبعده. قدماي توزعت في الدرب و تصلبت على مفارق المستحيل. تنحرف كي تتكأ على ضفة نهر أخرى تحاول النجاة من لج الغدير. وفاضت حبيبات الدمع فوق رواق طويل في ضواحي المدينة. كي تستعيد الموائد الذابله نشوتها تحت هطول كلماتي الحارة.
الحلم يشع في ساعات و لم يومض فجأة ، هو نار تتلظى في غياهب الرماد، يتحرك فيستعيد حرارته، لم تكن الحرية لو لم يكن( سبارتاكوس) لم يكن العشق لو لم تكن( جفرا ) ، الحلم مثل الصوت لا يسمع في الضجيج ولكن يصل في الفراغ ، الحلم الجميل لا تصنعه الصدفة وأن كانت جميلة يصنعه الدرب الجميل، مهما كان شائكاً و تقطعه أوصاله بسكين حواجز فاصلة ، طالما أن الحب زاده والحلم مبتغاه. يستمر الدرب بأوصال الحب وينتهي بموته، هو مثل كوكب يسبح في سديم أبدي قبل الكلام وبعده.
أقبع في الساعات التي مضت، أمتشق عقرب الدقائق كسيف محارب و بلا رقيب، وأجدف في أمواج الوقت، في أهازيج المساء النازف بزخات المطر، والأحرف التي فرت من بين السطور كي تصير همساً يداعب وجنات كأس النبيذ،والدمع عاد لينحبس في المأقي والساعة تندلق منها الدقائق وتفر الثواني نحو شارعٍ موحشٍ بالفراق يربط المسافة الضائعة بين ما قبل الكلام وبعده.
في اليوم التالي إستراح الحلم، تعرض لأغتيالٍ مقصود، لم يقترفه مجهول و شرب الكأس نخب الرحيل وصب ماء النار على وجهه، ربما إنقطعت به الدرب غريبا فوجد المارة في قلبه حفرة لم تندمل، وأعتقد الناس أنها حدثت نتيجة إنفجار . أما صحف الصباح فذكرت أنها حالة إنتحار وقعت قبل الكلام وبعده. لم يعد في العين ماء كي تنفجر الينابيع ولتشرب أزهار الياسمين من ماء القلب أن شاءت وستشير اليد على ذات الغياب الجديد (وداعاً أيها الحلم المغدور).

تعليقات

  1. الرصيف المعانق انت تعبره بحنانك ، وبروحك المستفيضة أريجا من زهر نيسان والعشب الأخضر يناجيك لتتقبل دفء الكلام وحروفك الوهّاجة تلمع على ضفّة النّهر كبريق ٍ لحرّيّة مشتهاة وأنت الحلم العابر من خلال الكوكب السّرمدي ولا تودّع الحلم بل استقبل المستقبل - رائع بأسلوبك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قلم أخضر

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء