سيزيف عاشق القمم حتى التعب



على شفيرالأهداب تكتحل بالحزن عيون الذكرى ، يصير منزل الغياب أكثر شفافية كي نراك فيه . لا تسافر بدون أن تضم باقة ورد الى صدرك، ثلة من زنبق وياسمين وبنفسج، أخذت الاسماء الحسنى من ألوان الزهر البري والنباتات الوحشية على طريق طاحونة قديمة لن تذبل على درب السفر وسيزداد عطرها برفقتك.
لأنك سيزيف الفلسطيني فأنت الصديق من العيار الثقيل، كيف لي أن احاول جمع بعض ملامح وجهك ؟
صورتك الصافية كعين الماء، واضحة كوضوح السماء ، فقط دعني أجمع ما وراء الصورة التي تطل علي من نافذة الأفق، فالذي جمعنا ليس الصورة ولا الشخص بل ما واراء الظلال السميك حيث تختبئ أحاسيس وتبذر حبات القمح في موسم الخصب.
الفكرة التي هي فعلٌ ووعيٌ وإنتماء. والتي نمت وتطورت وتبرعمت بشكل تسلسلي بين ثنايا جسدك ومسامات جلدك وحنايا الروح.
الفكرة التي إجتمعنا حولها و لم تنثني له هامة في حملها رغم قساوتها وثقلها.
تحمل الأنتظار الثقيل والهم الثقيل. بل والحلم الأثقل. تماما كعشقك لكوب الشاي الثقيل والمحلي بالسكر ، يغلي بهدوء على حطب النار في موقدة حفرها فدائي في خندق جبلي.
لأنك حالم مع فارق الزمن رجل مع فارق الزمن بجلادة وصبر وأصرار زمن كأنه ليس من ذي الزمن. التقينا مرة وغبت زمن وبقيت تسير بلا فارق الزمن..تتبدل العواصم القريبة والبعيدة تحتضنك في حصارها الناري مثل عناق الحرية، تتبدل الأمكنه ولا تتبدل أنت . بقيت تحفظ قيم الكرامه فوق الزعامة.تتسلح بالفكرة امتشقت القلم والبندقيه، فأنت لم تدفع قسراً للسير في الطريق الطويل، فذورة الصراع يغلي في وجدانك و كيانك كله يغلي في جمر الثورة.
سيزيف الذي لم يتعب من حمل صخرته الفلسطينية ويمضي على درب صناعة ألامل والتحدي الشاق
أسمح لي أن أبوح لك بأسرارك وأفكارك وأحلامك و أن أفلفش أوراقنا التي تقاذفتها الأمواج. ودرشاتنا الحميمة وما علق على طيف الموائد والأرصفة والأمكنة والمكاتب والأسوار والحواجز والمخيمات.
لأنك سيزيف الذي لا يتعب،
تدرك بعمق كيف ينبغي أن يصبح للانسان طريق وانتماء وهدف، وكم هو جميل أن يكون يكون للطريق رفيق درب وأن تموت من أجل شيء جميل ولكن الأجمل من كل ذلك أن يكون لك حلم جميل وفكرة نبيلة قبل أن تموت، لـذا تصر على دحرجة صخرتك إلى أعلى الجبل وبروح تشتعل في القلب و بقناعة راسخة أنك يوما ستصل القمة، لا تريد للقاع أن يكسرك، ستعاود الكرة كل مرة. تعود على البداية ومنها وتؤكد أن العودة الى فلسطين يسبقها عودة فلسطين فينا قيمة وقضية وهوية وحلم وتجدد.
لأنك سيزيف الذي ينحني كي يكون جسراً، حتى في فوضى القتل البشع والمعجل وبين مخيمين، صحيح أن القاتل أجبن من ان ينظر في عينيك. فيهدم الجسر وللقطع بين ضفتين، ضفة ترى من الأنسان مجرد رقم سياسي وضفة تنتمي أنت لها ، تعتبره إنسان إجتماعي.
كن سيزيف الذي بتر الزمن ولم يبتر قضيته ، لا ينحاز إلا للصح، تنشد للدور الصحيح والأداء الصحيح وتقدم صورة الفلسطيني الفريد والأنيق والمثقف، الذي يستفزعين الخطأ.
لأنك سيزيف، تقتلك اللامبالاة والتفاهة بأشكالها السياسية والثقافية والاجتماعية، لأنك تنتمي لحزب النظافة تمثل الشوق لفلسطين وحلم الرجوع وحملت صليب آلآمها وآمالها التي لا تموت.
هل تحلق روحك في السماء؟ أم مثل ألاسطورة الكنعانية، يموت الأنسان فيرحل نحو حبيبته الأرض.. أم ستردد مع محمود درويش:
أعدي لي الأرض كي أستريح ......فأنا أحبك حتى التعب.
مروان عبد العال

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قلم أخضر

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء