نص مقابله ادبيه
السؤال الأوّل:
ما أبرز ما أضافه محمود درويش لحركة الشّعر العربي المعاصر؟
جواب
يشكّل عالم محمود درويش الشّعري علامة فارقة في الأدب العربي المعاصر، وبلا مبالغة إن أضفنا في الشّعر العالمي بشكلٍ عام. فهو حقيقة لم يكن شاعر ثورة فحسب، بل ثورة في الشّعر أيضًا، أي أنّه تحوّل من شاعر القضيّة بمعنى رسولها وحامل رسالتها، ليصبح الشّعر بالنّسبة إليه هو جوهر القضيّة. ومن يقرأ التّجربة الشعرية الدرويشيّة يلحظ الشّحنات الدّاخليّة للنّص والتي تتوهّج من خلال دلالات السّياق بشكلٍ عام والتّرابط الموسيقي الداخلي والخارجي، حين يعلن عن نفسه في بوحٍ جميلٍ وبحسٍ مرهف وذوق جماليّ، ابتداءًا من المستوى الصّوتي متجاوزًا المستوى الصّرفي، وصولاً إلى المستوى التركيبيّ الدّلاليّ.
الإضافة الدّرويشيّة، هي ذاك المنحى التّصاعديّ، الذي يبتدىء من العتبة ويتّجه نحو التّحليق. إنّ التطوّر الملحوظ والإضافات المميّزة نلحظها من الصّعود الذي تكوّن بدءًا من ديوانه " أوراق الزّيتون " عام 1964 إلى " أثر الفراشة " عام 2008.
لقد كسر هذا الصّعود المحيط المغلق، وتجاوز حدود الشّاعريّة الضّيقة، فكسر الأبعاد المكانيّة والجغرافيّة، منطلقًا نحو البعد الإنسانيّ والكونيّ.
السؤال الثّاني:
بماذا يتميّز عالم محمود درويش الشّعري؟
جواب:
تميّز عالم محود درويش الشعري، بأنّه استطاع تحويل القضيّة إلى نواميس كتابة، وتحويل النص الشّعري إلى سمفونيّة، تلهج بهذا الوطن وترسّخ دلالاته في ذاكرة الإنسان.
على المستوى الإنساني: كان درويش صورة عن واقع الشعب الفلسطيني، متشرّدًا، مضطهدًا، لا يخشى أن يرفع صوته في وجه المحتلّ، منذ أن لجأ طفلاً إلى لبنان وعاد متسلّلاً إلى فلسطين الوطن. وعاش في كنف الإحتلال وأرغم على حمل وثيقة منه تكرّس هذا الإضطهاد، وجد نفسه يصرخ في وجه المحتلّ: ( سجّل أنا عربي/ ورقم بطاقتي خمسون ألفًا )، وشرّد مرة أخرى ، ليصبح المنفى وطنه المؤقّت، ثمّ يعود إلى الوطن ليقول أنّ المنفى ما زال داخله.
وعلي المستوى الإبداعي، تميّز محمود درويش بأن كرّس شعره وحياته كلّها بالتّعبير عن معاناة إنسانيّة وتماس مباشر مع الإحتلال وإجراءاته اليوميّة، ليكون بحقّ شاعر مقاومة، طوّع النّص الشعري لخدمتها، وإيصال نبض الإنسان الفلسطيني إلى قلوب كلّ النّاس.
أمّا على المستوى الفنيّ، فإنّ الباحث في نصوص درويش يلمح التّوظيفات الزاخرة والمستمدّة من المخزون الجمعي والحضاري والتراثي بكافّة أشكالها، الأسطوريّة والدينيّة والعلميّة والإجتماعيّة:
( نحتلّ مئذنة ونعلن في القبائل أنّ يثرب أجّرت قرآنها ليهود خيبر/ الله أكبر/ الله أكبر/ هذا آياتنا فقرأ/ باسم الفدائي الذي خلقا/ من جزمة أفقا) من قصيدةمديح الظل العالي).
أضف إلى احتشاد المفردات الأسطوريّة واستخدامها بتوريات رائعة، مثل "قوم مؤاب" قوم سدوم"، "جلجامش"، "أنكيدو"...إلخ
كما حافظ على الغنائية الموسيقية في الشعر، واقفًا عند الحدّ الفاصل بين النّثر والشّعر، مستفيدًا من نثريّة الشعر، فكان ينطق شعرًا منثورًا، أو نثرًا شعريًا، بإيقاع موسيقى عذب وممتع. واستطاع في ملاحمه الأخيرة" الجدارية" على سبيل المثال، أن يلمس قلقه الروحي والوجودي، فكأنما انتمى إلى إيقاع شعري ولا يدخل في النثر بل في البحث الدائم عن التجديد.
ما أضافه هو صورته الشعرية، المجاز المرسل، الإستعارة الفنيّة والإتّكاء على الرموز المشحونة، وفي سياق منظومة فكرية، والإنتماء للأرض والإنسان والوطن، ضمن بانوراميّة إنسانيّة تحرّرية وشاملة.
السؤال الثّالث:
كيف يمكن تكريم محمود درويش كشاعر مبدع ومناضل سجالي؟
جواب:
أعتقد أنّ تكريم يليق بمبدعٍ كمحمود درويش، لا يكفي أن يكون تكريمًا إحتفاليًا، أو تكريمًا لموته، بقدر ما هو تخليد لإنتاجه الزّخر وما أضافه للأدب العربي المعاصر والعالمي كونه أدب مقاومة، فإنّ تكريمه يكون بحماية الجبهة الثقافيّة التي حمل رايتها في سبيل حماية القضيّة والإنسان، ونكرّمه بإدخال مؤلفاته في مناهج التعليم العربي، ورعاية جائزة عربيّة تشجيعيّة باسمه لأفضل إنتاج إبداعي شعري، رغم قناعتي بأن أفضل من كرّم نفسه هو نفسه، بما قدّمه للقضية والإنسان ولفلسطين. وربما يصحو يومًا ويقول كما قال مرّة:
(...صاحت فجأة جندية: هو أنت ثانية؟ ألم أقتلك؟ قلت قتلتني.... ونسيت مثلك أن أموت.) من قصيدة: "في القدس
ما أبرز ما أضافه محمود درويش لحركة الشّعر العربي المعاصر؟
جواب
يشكّل عالم محمود درويش الشّعري علامة فارقة في الأدب العربي المعاصر، وبلا مبالغة إن أضفنا في الشّعر العالمي بشكلٍ عام. فهو حقيقة لم يكن شاعر ثورة فحسب، بل ثورة في الشّعر أيضًا، أي أنّه تحوّل من شاعر القضيّة بمعنى رسولها وحامل رسالتها، ليصبح الشّعر بالنّسبة إليه هو جوهر القضيّة. ومن يقرأ التّجربة الشعرية الدرويشيّة يلحظ الشّحنات الدّاخليّة للنّص والتي تتوهّج من خلال دلالات السّياق بشكلٍ عام والتّرابط الموسيقي الداخلي والخارجي، حين يعلن عن نفسه في بوحٍ جميلٍ وبحسٍ مرهف وذوق جماليّ، ابتداءًا من المستوى الصّوتي متجاوزًا المستوى الصّرفي، وصولاً إلى المستوى التركيبيّ الدّلاليّ.
الإضافة الدّرويشيّة، هي ذاك المنحى التّصاعديّ، الذي يبتدىء من العتبة ويتّجه نحو التّحليق. إنّ التطوّر الملحوظ والإضافات المميّزة نلحظها من الصّعود الذي تكوّن بدءًا من ديوانه " أوراق الزّيتون " عام 1964 إلى " أثر الفراشة " عام 2008.
لقد كسر هذا الصّعود المحيط المغلق، وتجاوز حدود الشّاعريّة الضّيقة، فكسر الأبعاد المكانيّة والجغرافيّة، منطلقًا نحو البعد الإنسانيّ والكونيّ.
السؤال الثّاني:
بماذا يتميّز عالم محمود درويش الشّعري؟
جواب:
تميّز عالم محود درويش الشعري، بأنّه استطاع تحويل القضيّة إلى نواميس كتابة، وتحويل النص الشّعري إلى سمفونيّة، تلهج بهذا الوطن وترسّخ دلالاته في ذاكرة الإنسان.
على المستوى الإنساني: كان درويش صورة عن واقع الشعب الفلسطيني، متشرّدًا، مضطهدًا، لا يخشى أن يرفع صوته في وجه المحتلّ، منذ أن لجأ طفلاً إلى لبنان وعاد متسلّلاً إلى فلسطين الوطن. وعاش في كنف الإحتلال وأرغم على حمل وثيقة منه تكرّس هذا الإضطهاد، وجد نفسه يصرخ في وجه المحتلّ: ( سجّل أنا عربي/ ورقم بطاقتي خمسون ألفًا )، وشرّد مرة أخرى ، ليصبح المنفى وطنه المؤقّت، ثمّ يعود إلى الوطن ليقول أنّ المنفى ما زال داخله.
وعلي المستوى الإبداعي، تميّز محمود درويش بأن كرّس شعره وحياته كلّها بالتّعبير عن معاناة إنسانيّة وتماس مباشر مع الإحتلال وإجراءاته اليوميّة، ليكون بحقّ شاعر مقاومة، طوّع النّص الشعري لخدمتها، وإيصال نبض الإنسان الفلسطيني إلى قلوب كلّ النّاس.
أمّا على المستوى الفنيّ، فإنّ الباحث في نصوص درويش يلمح التّوظيفات الزاخرة والمستمدّة من المخزون الجمعي والحضاري والتراثي بكافّة أشكالها، الأسطوريّة والدينيّة والعلميّة والإجتماعيّة:
( نحتلّ مئذنة ونعلن في القبائل أنّ يثرب أجّرت قرآنها ليهود خيبر/ الله أكبر/ الله أكبر/ هذا آياتنا فقرأ/ باسم الفدائي الذي خلقا/ من جزمة أفقا) من قصيدةمديح الظل العالي).
أضف إلى احتشاد المفردات الأسطوريّة واستخدامها بتوريات رائعة، مثل "قوم مؤاب" قوم سدوم"، "جلجامش"، "أنكيدو"...إلخ
كما حافظ على الغنائية الموسيقية في الشعر، واقفًا عند الحدّ الفاصل بين النّثر والشّعر، مستفيدًا من نثريّة الشعر، فكان ينطق شعرًا منثورًا، أو نثرًا شعريًا، بإيقاع موسيقى عذب وممتع. واستطاع في ملاحمه الأخيرة" الجدارية" على سبيل المثال، أن يلمس قلقه الروحي والوجودي، فكأنما انتمى إلى إيقاع شعري ولا يدخل في النثر بل في البحث الدائم عن التجديد.
ما أضافه هو صورته الشعرية، المجاز المرسل، الإستعارة الفنيّة والإتّكاء على الرموز المشحونة، وفي سياق منظومة فكرية، والإنتماء للأرض والإنسان والوطن، ضمن بانوراميّة إنسانيّة تحرّرية وشاملة.
السؤال الثّالث:
كيف يمكن تكريم محمود درويش كشاعر مبدع ومناضل سجالي؟
جواب:
أعتقد أنّ تكريم يليق بمبدعٍ كمحمود درويش، لا يكفي أن يكون تكريمًا إحتفاليًا، أو تكريمًا لموته، بقدر ما هو تخليد لإنتاجه الزّخر وما أضافه للأدب العربي المعاصر والعالمي كونه أدب مقاومة، فإنّ تكريمه يكون بحماية الجبهة الثقافيّة التي حمل رايتها في سبيل حماية القضيّة والإنسان، ونكرّمه بإدخال مؤلفاته في مناهج التعليم العربي، ورعاية جائزة عربيّة تشجيعيّة باسمه لأفضل إنتاج إبداعي شعري، رغم قناعتي بأن أفضل من كرّم نفسه هو نفسه، بما قدّمه للقضية والإنسان ولفلسطين. وربما يصحو يومًا ويقول كما قال مرّة:
(...صاحت فجأة جندية: هو أنت ثانية؟ ألم أقتلك؟ قلت قتلتني.... ونسيت مثلك أن أموت.) من قصيدة: "في القدس
تعليقات
إرسال تعليق