ادب التوتر في رواية زهرة الطين
زهرة الطين
عندما تكون البداية هي النهاية والنهاية هي نقطة البدء على الدوام فإن التاريخ حتما يتكرر في الفراغ وبكؤوس من ألم...
وحينما تصير الانثى والوطن في ذاكرة تحمل رفاث تاريخ ملوث بالهزائم، وقلب موجع لا يعرف الا الهروب في زمن مثخن بالترقب المثقوب فإن الموت البطيء هو عنوان كل الطرق التي يتحرش بها الخطو ليستحم بنشاز الصمت .... يكون حينها البوح دما اسودا ساريا من عروق التجربة وذاكرة الجسد الحية، الواقفة بين حريق البدايات المهزومة وأمل الخطو الهارب من جفون الرضوخ.....إنها قطعا كتابة التوتر، وكتابة الهم المشترك ....إنها رواية "زهرة الطين-رواية فلسطينية" لكاتبها الفلسطيني مروان عبد العال، الصادرة عن دار الفرابي -بيروت لبنان، الحاملة لجروح شعب يعيش على الانتظار وبالانتظار ...شعب هو حتما من يصنع قوته وقوت استمراره في زمن أغلقت فيه نوافذ الإغاثة ، وانحرف فيه مسار النضال....وتضم الرواية 9 فصول ، عنونها صاحبها بـ "الفصل الاول" "الفصل الثاني" " الفصل الثالث" الفصل الرابع" " الفصل الخامس" "الفصل السادس" " الفصل السابع" " الفصل الثامن" ثم "الفصل التاسع" كلها تحمل جراح بطلها طين أو سيف، الهارب من جرح الوطن إلى حضن أنثى تعرف كيف ترتب فوضى الحواس وكيف تبصم ذاكرة حضورها في جسد الغياب ، تعرف كيف تحط ذكراها بتأن في شرود جسد اثخنته هموم القضية والوطن ، واكراهات المخيم لتجعله يحمل رزم التردد وكل القلق ، ويحقن توتره البادي وكل التردد ليختار طريق اللقاء مع " مجدلية" أو "مادولينا"، الفتاة الايطالية التي حضرت لاحياء ذكرى شهداء صبرا وشاتيلا، وكان هوالدليل السياسي والسياحي ..ليثمر الحوار بينهما فيعطي شعورا مشتعلا، يشتعل به الطريق الى اللقاء، ويعطي حياته للبحر، وبطريقة غير شرعية يختار الذهاب الى ايطاليا ...إنها لحظة الحب الصافي في تقاطعه مع الاختيار الصعب ، لحظة الاغتسال الهادئ في زمن الحرب ...يغرق المركب ويرمي البحر بذاكرة سيف في بداية اخرى وهو بين النسيان والهروب، ليجد نفسه في قلب آخر لتجربة أخرى تعيده حتما إلى النهاية التي بدأ منها....إنها لعنة الحب في زمن الحرب و لعنة الحدود بين الشرق والغرب .وحتما لعنة التاريخ الذي يكرر مشاهده بشكل مأساوي .يقول الكاتب:
كاني اعيش هنا بعيدا عنها ولكن معها، عن الصباح الذي يستيقظ عابسا ويراها تخرج من الغرفة وتسافر بين رملنا الأصفر وغبار المدينة الرمادية..فأقول لها كأني حصان يصهل في منفى بعيد وهي هديل حمام يهرب من السماء.
انها الهارب من عجاج الصحراء العربية وقطرات الدم واقف كشموخ الزيتون، وهي المنتصبة كاعمدة في وجه هيكل ومدخنة مصنع وغبار وسموم....واناديها كي نجعل المشهد مزيجا للنقاء، حتى لو صار الحلم رماديا، كنت أنادي "المجدلية" اناجيها في اليقظة والحلم.اصف لها شفافية جلدها وشرايينها النافرة المهتاجة حتى على ظاهر اليد. كيف نتصافح ونتمازج كغرباء لكننا أحبة.
صورتها التي رسمتها في كل ثانية من العمر، لامرأة مشغولة بالهم الأممي، تعتصم وتتظاهر، وتلاحقها الشرطة هناك، ومن أجل فلسطين والعراق وأفغانستان وكوبا.....ضد الحرب.
زينب سعيد
كاتبة مغربية
تعليقات
إرسال تعليق