يا سر البرق الذي شاخ في الانتظار


يا سر البرق الذي يسطع في سماء العدم، هل أتاك حديث الرعد ؟ يلملم أطرافه من بين أنياب التعب ، يمهر وميضك بجسد مرتجف هارب مثل قطة من دوي يجلجل في الأعماق. هل أنت سر الأسطورة في عقاب الآلهة للنفس الشقية؟
إحملني ذات شجن على أرجوحة غيمتك المسافرة دائما، قبل أن تحط السماء رحالها، فقد ترصعت كلماتي بقطرات الماء.وتأبطت نجومي قلمها وهي تئن من حقيبة المطر. وأشتعلت توترا بقناديل التمرد، لا تخبو بنورها حتى تلامس كهرباء ترابي وتخترق بتعسفها قهر الجدار العازل بيننا.
يا شرارة البرق التي مازالت تلمع في تضاريس الصورة وتفاصيل الفكرة ، وتتعرج في طرق معتمة وتتسلق أبراجي على وقع قصف الرعد، تمهل أيها اللغز، إجمع طقوسك يوماً كي أراك.
يا سر البرق ، إحملني عن هذا المكان كأمٍ حنون، الى حيث يرضع البحر من ثدي الريح، وينسحب الدفء نحو حنين الينابيع ، لتنزوي في ثياب الصمت ، حتى تشتاق زهرات الصبح لقبلات النحل. مثلما ينتفض الرعد ينفجر الفراق في وجه الهمسة الخافته، ويهزء الدمع من رقص الفراشات على وسادة خالية، ضع كتفيك وعاء لي وأجعل شهقات الرغبة تقتات كل الكلمات التي تتلوى بلا ضوء.
وحدك أيها البرق تعرف من أنا وكيف تراني ، ما هو الوراء عندي وما الأمام، وحدك تدرك ضوئي القادم من غربة ووطن، أنا الذي لم يبخل بنظم القصيدة التي مسها ظلي ، فاختفت بين نجوم الليل تبحث عنك، واللوحة التي رسمتها على جداري فسرقتها كهوف الغياب ، الحديقة النابتة من وسط التراب الرمادي، أنتصرت على الاحتراق بنشيد الماء وهي تعزف للجفاف وداعا يليق بعبق التراب.وحدك بقيت لي مثل أبريق فخار ركنه المهاجرون على قارعة الطريق.
يا سر البرق ،أشهد أن فيك رائحة الوطن ولون التربة، لأنك تبشر بموسم البرتقال، و تغيظني بزمن الفقدان ، تمارس جفاء تعودته الكلمات اليابسة ، فالوطن لا يطرد القلب من ضياعه، وإن شاخ في مواعيد الانتظار.كلما ابتعدت عن ذاتي فقد تسمع السماء ندائي وكلما أنبثق من ذاتي كي اتبع البرق وأصل القمر فأراك.
يا سر البرق ، سأمطرك بأحلامي كما يشاء القدر. حتى يغدو الليل ضفاف لعينيك، يرعد ويبرق في عالم ضيق يتسع لخفقة قلب وأسطورة أمل وتدفق المعاني بالقدر الممكن من الحب. ترقص كنحلة على ازهار القلب ، تتدلى بعيون دامعة على نافذة صدري، عندما يودعني القدر طفلاً بين ذراعيها، لانها بنت التراب المرمري وأنوثة البحر و غيظ الموج، التي مازالت وميضاً فضائياً ، يعانق المساء ويلطم رملي بالمد والجزر ويهشم بقساوته قنافذ صخوري الخضراء، لم تعد طحالبي الرقيقة تحتفظ بلزوجتها، فقد سرقتني قصف الرعد من زرقة السماء.

تعليقات

  1. رقصة أمل

    يا سر البرق ، سأمطرك بأحلامي كما يشاء القدر. حتى يغدو الليل ضفاف لعينيك، يرعد ويبرق في عالم ضيق يتسع لخفقة قلب وأسطورة أمل وتدفق المعاني بالقدر الممكن من الحب.

    ردحذف
  2. يا عناق السماءلملم جرحه الاسطوري وغادر الرمل البحري واركن تضاريس حياته في لوحة بلورية لا تخدشها امواج البحر البربرية وصهوة الرعد اللولبية

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قلم أخضر

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء