اللغز الذي يشبه ما بعده .
اللغز الذي يشبه ما بعده .
مروان عبد العال
أزف اليك النبأ...الذي ينبجس من مسام جلدي ، بأنك وحدك جفرا ، أسطورتي المستحيلة. لقد جرى في عبق الرماد أحزانٌ كثيرة...لذا، لن أغرس رأس الرمح في الرمال وأكرر قول "همنغواي" : وداعا أيها السلاح!
أمتشق قلمي لأكتب: وداعا أيها الصمت، أطلق رصاصي حبرا مرا على لعنة السكوت، لقد طالت إقامته الكئيبة في فمي.. آن له أن يرحل، عندما تطل جفرا بعشقها الفلسطيني و بوجهها الابنوسي بعطر طيني الشذا، جبلته حكاية عينات الكنعانية أم الارض حين أخصبت بأنوثتها جلالة الجليل وتناثرت حباً يشد عنق المساء كي يترجل ..
جفرا تبعثر أقدامها في البراري بحثا عن بقلة خضراء وتعود للمساء كي تروي خراريفها كترنيمة تسلبني كغفوة بين تجاعيد وجهها وكمدات توزعت على ظهر كفها ووشم يعانق قمرها و يستريح معها في خطوط تعرجت على جبينها فشحب لونها كأنما اختطفها من حضن الطريق حذوة حصان حديدية..
منذ زمن وهي تنام وتستيقظ بين أجفاني المتعبة... تتجدد داخلي في دروب العزلة وتغوص عميقا في منفى يلاحقني كداومة من الجنون وينخلع من النهارات الطويل والمساءات البعيدة ، تطل جفرا بين الوجوه الواجمة بين وشوشات الاطفال واستراق النظر من أعين النساء في الوجوه المقطعة داخل الازقة الرطبة تطلق بشارة عرس على أسطح المخيم وينتابها الحلم الذي غزل ثوب الفرح كزهرات البنفسج..
لأجل حبك كللتني الأشرطة الشائكة وعبرتني الحواجز وقطعتني الجدران وفي سبيلك يستسلم الظل أمام الضوء كي ينبعث في شهب حرية من عينيك ، ليبقي السفر يكرر الافلات من قبضة الوداع ، و تنشد أقدامنا الرجوع ثانية ، الى وادٍ لا يشبه غيره... وزاد صار قصة تحكى ولا تتكرر، وحضن عاشق ظل كالمستحيل ، ومساء سقط عليه مطر لا يشبه ما قبله، في وطن ليس ما بعده ، حين يستلقي دمعك فوق الوجنتين ، وتبلغ نشوة أنفاس ماء العينين ، أنه لن يشبه سوى حريتك في الحلم الذي تفوق شغفا على ما بعده.
ترجعين ثانية عندما تولدين كل ثانية ، مثل حكايتك التي ولدت في أحشاء قلبي يوما ما، في مكان تحول الى مكانة وفي لحظة ليل لا يشبه ما قبله، بل ما بعده ، لن يكن يتيما بين المساءات، ولم يعد يمل الاشراق أبدا، يسطع في مرآتي التي غسلتها ومضات مرتعشة في بؤبؤ بلون القهوة العربية ، يشير نحو الاتجاه المستحيل والأجمل.
أكتب ولادتك فيسقط القناع الاسود عن عينيك ، وينسحب الغموض تدريجيا من ساحات وجهك، صراع مرير بين وجع وحلم ، حين نستطيع أن نقبض على نورك السري اللون والسحري الطعم ، على أهازيج الجفرا وهي ترقص مثل نحلة ذهبية في بيادرعينيك، تتمايل مع السنابل كأنها ينبوع يترقرق في مرج مقلتيك.
على وقع المساء أختلط الدمع كلوحة مائية ، تنساب كزهر الحنون في رياح الخماسين، ينبعث صدى لحن عذب مثقل بالجراح كي يداعب أوتارنا النائمة، يصدح مثل نشيد الروح وبين إضطراريين، من أمامنا ومن خلفنا ، نقتلع بقوة الأضطرار ونظل شتات الأضطرار الطويل في مسيرة الفراغ الدائم .
المفر على قارب ينقلب بين وسادتين ، واحدة إنتشت خمراً من جبال الاحزان ، فغادرت الرطوبة أطرافها الباردة. وأخرى إرتوت بدمع ليلي تجمع في وادي الجنون ، لتحترق بغربة من نار تصول في ممرات الأوردة الضيقة.
ذات مساء قريب، أستعادت جفرا روحها مع مطر ينقر على زجاج النافذة، أمتشقت بعطشها ذاك المخاض المشتهى فكان جنينها يلعب "الغميضة" مختبئً في الطرقات االمسيجة بمتاهات لا نهاية لها ولا هدف.
وجدت نفسها قبل ان أجدها ، عثرت على رمشها مقيدا في بيت عنكبوت ، أحتلته الخيوط القاتلة لزمن ما ، وقيدته في زاوية معتمة داخل زجاج القلب الصغير .
ما قبل المساء كانت جفرا الهاربة من نفسها الى ضياعها المتواصل ، أبكي حيرتها في نحيب مخيف كأنه عواء ذئب ينهش في خلايا الروح ، جائعا في غابة مقفرة، أرعبني ضلال الملائكة وصلاة العفاريت في محراب الفراق، فبت قعيداً يعد الدقائق لعودتها ...لا ملل في العشق يا جفراي ولا حتى أذن مسبق في الكلام ، هو ذاك البوح الذي يندلق كشلال من قمة عالية نحو منحدر يتعطش للخصب.
بعد جفرا، أن أكون وفياً لسرها الجميل وهائما كنيزك يسبح في فضاء هلامي يقيم فيها ولو غابت ويحضر لها و معها حاملا حقيبته اليومية المليئة بالحكايا كي يقص على مسامعها، سيرة الثورة الاولى وهي تأبى النزول من علياء المكان .
أحتفي بجفرا زفافاً مخضباً بالحب و حادا كنصل السيف، أحاول أن أقطع وريد الهجر وأزج عنق الصمت . كي تبقى رمز العطاء والجمال والثورة والذاكرة والقلب الغير قابل للكسر.
أعطتني شفافية قلبها فرصدت بعناية كل حركته الساكنه ، باح الكبت بدقات قلبها فلم أكتب الاَ اختلاجات الضياع ، ومعا نسير على درب الحلم كي يصير ممكنا ، علنا نعثر على لغزنا الواحد ، ان لم يكن في السماء ، فهو حتما فوق الارض أو تحتها. ستبقى تسكن بغير بلد وتستوطن كل القلوب ، حتى نعثر على أنفسنا وندلي بأحلامنا على كرسي الأعتراف ، في هيكل قدسي.
جفرا...كم يشبهك المخيم فدائيا ، يفرط بالعشق ولو قليلا و بالانتظار والصبر كثيرا، وما تطرف في الغناء وأدمن القتال الا كثيرا ، ذاك الضحية الشاهد على الفقدان ، لانه يهفو الى وطن الجفرا ... جليلها حري بفخامة الشوق وجلالة التعب وبأننا ما زلنا معا ، يحتوينا الموج الأزرق يوم لفظتنا المدن و غادرنا الغربة القديمة الى غربة جديدة، وخيمة من خيط الكتان الى اخرى من حديد براق و اكثر حداثة. مثقلين بألاسماء العادية والحركية لنصير أرقاما وأحرف ورموز أجنبية وخطوط مائله تقطع نسيجنا بكل ما في الكلمة من ألفة .
عذرا يا جفراي، تلح ملائكتي علي بأن أغفر الخطيئة، طقوسك التي فككتها، تحللت معها كل الرواسب الكلسية العالقة على ضفافي المتصدعة . يوم كان التاريخ ينام على وسادة الفراق ، ومحكمة القلب تمنحك البراءة من دم الوقت المهدور، فالمساء يعيد ترميم شظاياه المبعثرة ساعة إلتماس الحنين .
أن انهيت الحكاية مؤقتا لكني مازلت أرتكب "معصية" عشق الحرية و"جناية" الحلم بكامل ما في الانسانية من معنى، لن أرحل عنك بعيدا ، حتى أجيب عن سؤال محوري : من الاقوى في "المبارزة الكبرى" الارادة أم الحلم ؟ ولمن ستكون الغلبة ؟ وعدك سيتجدد في السؤال الشائك و درب الاجابة الشاق..و أني لن أرهن الحلم المستحيل لوهم أسمه الممكن .. وأن أهرب من السؤال إن استعصى عليَ الجواب . سأبقى على الدرب والوعد والسؤال.
هو وعد جفرا لغزها الجميل الذي لن يسقط في قبضة الغياب.
بمناسبة توقيع رواية جفرا... لغاية في نفسها
14\12\
مروان عبد العال
أزف اليك النبأ...الذي ينبجس من مسام جلدي ، بأنك وحدك جفرا ، أسطورتي المستحيلة. لقد جرى في عبق الرماد أحزانٌ كثيرة...لذا، لن أغرس رأس الرمح في الرمال وأكرر قول "همنغواي" : وداعا أيها السلاح!
أمتشق قلمي لأكتب: وداعا أيها الصمت، أطلق رصاصي حبرا مرا على لعنة السكوت، لقد طالت إقامته الكئيبة في فمي.. آن له أن يرحل، عندما تطل جفرا بعشقها الفلسطيني و بوجهها الابنوسي بعطر طيني الشذا، جبلته حكاية عينات الكنعانية أم الارض حين أخصبت بأنوثتها جلالة الجليل وتناثرت حباً يشد عنق المساء كي يترجل ..
جفرا تبعثر أقدامها في البراري بحثا عن بقلة خضراء وتعود للمساء كي تروي خراريفها كترنيمة تسلبني كغفوة بين تجاعيد وجهها وكمدات توزعت على ظهر كفها ووشم يعانق قمرها و يستريح معها في خطوط تعرجت على جبينها فشحب لونها كأنما اختطفها من حضن الطريق حذوة حصان حديدية..
منذ زمن وهي تنام وتستيقظ بين أجفاني المتعبة... تتجدد داخلي في دروب العزلة وتغوص عميقا في منفى يلاحقني كداومة من الجنون وينخلع من النهارات الطويل والمساءات البعيدة ، تطل جفرا بين الوجوه الواجمة بين وشوشات الاطفال واستراق النظر من أعين النساء في الوجوه المقطعة داخل الازقة الرطبة تطلق بشارة عرس على أسطح المخيم وينتابها الحلم الذي غزل ثوب الفرح كزهرات البنفسج..
لأجل حبك كللتني الأشرطة الشائكة وعبرتني الحواجز وقطعتني الجدران وفي سبيلك يستسلم الظل أمام الضوء كي ينبعث في شهب حرية من عينيك ، ليبقي السفر يكرر الافلات من قبضة الوداع ، و تنشد أقدامنا الرجوع ثانية ، الى وادٍ لا يشبه غيره... وزاد صار قصة تحكى ولا تتكرر، وحضن عاشق ظل كالمستحيل ، ومساء سقط عليه مطر لا يشبه ما قبله، في وطن ليس ما بعده ، حين يستلقي دمعك فوق الوجنتين ، وتبلغ نشوة أنفاس ماء العينين ، أنه لن يشبه سوى حريتك في الحلم الذي تفوق شغفا على ما بعده.
ترجعين ثانية عندما تولدين كل ثانية ، مثل حكايتك التي ولدت في أحشاء قلبي يوما ما، في مكان تحول الى مكانة وفي لحظة ليل لا يشبه ما قبله، بل ما بعده ، لن يكن يتيما بين المساءات، ولم يعد يمل الاشراق أبدا، يسطع في مرآتي التي غسلتها ومضات مرتعشة في بؤبؤ بلون القهوة العربية ، يشير نحو الاتجاه المستحيل والأجمل.
أكتب ولادتك فيسقط القناع الاسود عن عينيك ، وينسحب الغموض تدريجيا من ساحات وجهك، صراع مرير بين وجع وحلم ، حين نستطيع أن نقبض على نورك السري اللون والسحري الطعم ، على أهازيج الجفرا وهي ترقص مثل نحلة ذهبية في بيادرعينيك، تتمايل مع السنابل كأنها ينبوع يترقرق في مرج مقلتيك.
على وقع المساء أختلط الدمع كلوحة مائية ، تنساب كزهر الحنون في رياح الخماسين، ينبعث صدى لحن عذب مثقل بالجراح كي يداعب أوتارنا النائمة، يصدح مثل نشيد الروح وبين إضطراريين، من أمامنا ومن خلفنا ، نقتلع بقوة الأضطرار ونظل شتات الأضطرار الطويل في مسيرة الفراغ الدائم .
المفر على قارب ينقلب بين وسادتين ، واحدة إنتشت خمراً من جبال الاحزان ، فغادرت الرطوبة أطرافها الباردة. وأخرى إرتوت بدمع ليلي تجمع في وادي الجنون ، لتحترق بغربة من نار تصول في ممرات الأوردة الضيقة.
ذات مساء قريب، أستعادت جفرا روحها مع مطر ينقر على زجاج النافذة، أمتشقت بعطشها ذاك المخاض المشتهى فكان جنينها يلعب "الغميضة" مختبئً في الطرقات االمسيجة بمتاهات لا نهاية لها ولا هدف.
وجدت نفسها قبل ان أجدها ، عثرت على رمشها مقيدا في بيت عنكبوت ، أحتلته الخيوط القاتلة لزمن ما ، وقيدته في زاوية معتمة داخل زجاج القلب الصغير .
ما قبل المساء كانت جفرا الهاربة من نفسها الى ضياعها المتواصل ، أبكي حيرتها في نحيب مخيف كأنه عواء ذئب ينهش في خلايا الروح ، جائعا في غابة مقفرة، أرعبني ضلال الملائكة وصلاة العفاريت في محراب الفراق، فبت قعيداً يعد الدقائق لعودتها ...لا ملل في العشق يا جفراي ولا حتى أذن مسبق في الكلام ، هو ذاك البوح الذي يندلق كشلال من قمة عالية نحو منحدر يتعطش للخصب.
بعد جفرا، أن أكون وفياً لسرها الجميل وهائما كنيزك يسبح في فضاء هلامي يقيم فيها ولو غابت ويحضر لها و معها حاملا حقيبته اليومية المليئة بالحكايا كي يقص على مسامعها، سيرة الثورة الاولى وهي تأبى النزول من علياء المكان .
أحتفي بجفرا زفافاً مخضباً بالحب و حادا كنصل السيف، أحاول أن أقطع وريد الهجر وأزج عنق الصمت . كي تبقى رمز العطاء والجمال والثورة والذاكرة والقلب الغير قابل للكسر.
أعطتني شفافية قلبها فرصدت بعناية كل حركته الساكنه ، باح الكبت بدقات قلبها فلم أكتب الاَ اختلاجات الضياع ، ومعا نسير على درب الحلم كي يصير ممكنا ، علنا نعثر على لغزنا الواحد ، ان لم يكن في السماء ، فهو حتما فوق الارض أو تحتها. ستبقى تسكن بغير بلد وتستوطن كل القلوب ، حتى نعثر على أنفسنا وندلي بأحلامنا على كرسي الأعتراف ، في هيكل قدسي.
جفرا...كم يشبهك المخيم فدائيا ، يفرط بالعشق ولو قليلا و بالانتظار والصبر كثيرا، وما تطرف في الغناء وأدمن القتال الا كثيرا ، ذاك الضحية الشاهد على الفقدان ، لانه يهفو الى وطن الجفرا ... جليلها حري بفخامة الشوق وجلالة التعب وبأننا ما زلنا معا ، يحتوينا الموج الأزرق يوم لفظتنا المدن و غادرنا الغربة القديمة الى غربة جديدة، وخيمة من خيط الكتان الى اخرى من حديد براق و اكثر حداثة. مثقلين بألاسماء العادية والحركية لنصير أرقاما وأحرف ورموز أجنبية وخطوط مائله تقطع نسيجنا بكل ما في الكلمة من ألفة .
عذرا يا جفراي، تلح ملائكتي علي بأن أغفر الخطيئة، طقوسك التي فككتها، تحللت معها كل الرواسب الكلسية العالقة على ضفافي المتصدعة . يوم كان التاريخ ينام على وسادة الفراق ، ومحكمة القلب تمنحك البراءة من دم الوقت المهدور، فالمساء يعيد ترميم شظاياه المبعثرة ساعة إلتماس الحنين .
أن انهيت الحكاية مؤقتا لكني مازلت أرتكب "معصية" عشق الحرية و"جناية" الحلم بكامل ما في الانسانية من معنى، لن أرحل عنك بعيدا ، حتى أجيب عن سؤال محوري : من الاقوى في "المبارزة الكبرى" الارادة أم الحلم ؟ ولمن ستكون الغلبة ؟ وعدك سيتجدد في السؤال الشائك و درب الاجابة الشاق..و أني لن أرهن الحلم المستحيل لوهم أسمه الممكن .. وأن أهرب من السؤال إن استعصى عليَ الجواب . سأبقى على الدرب والوعد والسؤال.
هو وعد جفرا لغزها الجميل الذي لن يسقط في قبضة الغياب.
بمناسبة توقيع رواية جفرا... لغاية في نفسها
14\12\
تعليقات
إرسال تعليق