مروان عبد العال يهدي فلسطين "زهرة طين"



الحياة الثقافية




زينب سعيد
--------------------------------------------------------------------------------

مروان عبد العال يهدي فلسطين "زهرة طين"

عندما تكون البداية هي النهاية والنهاية هي نقطة البدء على الدوام فإن التاريخ حتماً يتكرر في الفراغ وبكؤوس من ألم... وحينما تصير الأنثى والوطن في ذاكرة تحمل رفات تاريخ ملوث بالهزائم، وقلب موجع لا يعرف إلا الهروب في زمن مثخن بالترقب المثقوب، فإن الموت البطيء هو عنوان كل الطرق التي يتحرش بها الخطو ليستحم بنشاز الصمت.... يكون حينها البوح دماً اسود سارياً من عروق التجربة وذاكرة الجسد الحية، الواقفة بين حريق البدايات المهزومة وأمل الخطو الهارب من جفون الرضوخ.....إنها قطعاً كتابة التوتر، وكتابة الهم المشترك....
إنها رواية >زهرة الطين -رواية فلسطينية< لكاتبها الفلسطيني مروان عبد العال، الصادرة عن دار الفارابي -بيروت لبنان، الحاملة لجروح شعب يعيش على الانتظار وبالانتظار...شعب هو حتماً من يصنع قوته وقوت استمراره في زمن أغلقت فيه نوافذ الإغاثة، وانحرف فيه مسار النضال....وتضم الرواية 9 فصول، كلها تحمل جراح بطلها طين أو سيف، الهارب من جرح الوطن إلى حضن أنثى تعرف كيف ترتب فوضى الحواس وكيف تبصم ذاكرة حضورها في جسد الغياب، تعرف كيف تحط ذكراها بتأنٍ في شرود جسد أثخنته هموم القضية والوطن، واكراهات المخيم لتجعله يحمل رزم التردد وكل القلق، ويحقن توتره البادي وكل التردد ليختار طريق اللقاء مع >مجدلية< أو<مادولينا<، الفتاة الإيطالية التي حضرت لإحياء ذكرى شهداء صبرا وشاتيلا، وكان هو الدليل السياسي والسياحي..ليثمر الحوار بينهما فيعطي شعوراً مشتعلاً، يشتعل به الطريق إلى اللقاء، ويعطي حياته للبحر، وبطريقة غير شرعية يختار الذهاب إلى ايطاليا...إنها لحظة الحب الصافي في تقاطعه مع الاختيار الصعب، لحظة الاغتسال الهادئ في زمن الحرب...يغرق المركب ويرمي البحر بذاكرة سيف في بداية أخرى وهو بين النسيان والهروب، ليجد نفسه في قلب آخر لتجربة أخرى تعيده حتماً إلى النهاية التي بدأ منها....إنها لعنة الحب في زمن الحرب ولعنة الحدود بين الشرق والغرب. وحتماً لعنة التاريخ الذي يكرر مشاهده بشكل مأساوي. يقول الكاتب :كأني أعيش هنا بعيداً عنها ولكن معها، عن الصباح الذي يستيقظ عابساً ويراها تخرج من الغرفة وتسافر بين رملنا الأصفر وغبار المدينة الرمادية..فأقول لها كأني حصان يصهل في منفى بعيد وهي هديل حمام يهرب من السماء. إنها الهارب من عجاج الصحراء العربية وقطرات الدم واقفة كشموخ الزيتون، وهي المنتصبة كأعمدة في وجه هيكل ومدخنة مصنع وغبار وسموم....وأناديها كي نجعل المشهد مزيجاً للنقاء، حتى لو صار الحلم رمادياً، كنت أنادي >المجدلية< أناجيها في اليقظة والحلم. اصف لها شفافية جلدها وشرايينها النافرة المهتاجة حتى على ظاهر اليد. كيف نتصافح ونتمازج كغرباء لكننا أحبة. صورتها التي رسمتها في كل ثانية من العمر، لامرأة مشغولة بالهم الأممي، تعتصم وتتظاهر، وتلاحقها الشرطة هناك، ومن أجل فلسطين والعراق وأفغانستان وكوبا.....ضد الحرب.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قلم أخضر

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء