مَا وَرَاءَ الْلَّحْظَةِ تِلْكَ

مَا وَرَاءَ الْلَّحْظَةِ الْيَوْمِيَّةِ لَحْظَةٍ قَادِمَةٌ ، لِذَا تَدُوْسُ الْمَمْحَاة عَلَىَ رَصَاصٍ مِنْ قَلَمِ الْنِّسْيَانِ . كَيْ انْتَظَرَ وَقَعَ الْلَّحْظَةِ الْتَّالِيَةِ ، تَأْسُرُنِيْ كَقَافِلَةٍ تُطِلُّ مِنْ الْمَدَىَ الْبَعِيْدْ مَمْهُوْرَةٌ بِذِكْرَىْ أُجْتَثَتِهَا أُظَافِرْ الْلَّحْظَةِ الْفَائِتَهْ . مُذْ وُجِدَتُ أُسْطُوْرَةُ الْفَرَاشَةِ الزَّرْقَاءِ، لَقَدْ تَعَوَّدْتُ الْلَّحْظَةِ فَلَمْ تَعُدْ وَحِيْدَا، بَيْنَ الْلَّحْظَةِ الْمُشْتَهَاةِ وَالْلَّحْظَةُ الْغَائِبَةِ تَقَطْعِكْ سِكِّيْنُ الْنُّكْرَانُ وَتَنْزِفُ مِنْ شَرَايِنِكَ دِمَاءَ الْغُرْبَةِ، وَهَبْتَنِيْ الْلَّحْظَةِ الْمَيْتَةُ تُرَابٍ مِنْ عَدَمِ ، تَتَقَيْؤُهَا الْنَفَسِ عَلَىَ زَمَنٍ مَضَىْ وَ لَوَّثَتْهُ رِيَاحُ سَاخِنَةٌ. تَمْرَحُ فِيْ هَجْرِ الْرُّوْحِ وَتَتَنَاسَلُ بِحُنَيْنٍ لِلْدُّعَاءِ وَالْاذانُ وَالْفَجْرِ وَالْذِّكْرَىْ . مُذْ اسْتَسْلَمَ الْنَّهَارِ لِلَحْظَةٍ فِيْ زَاوِيَةٍ الْمَدِيْنَةِ ، وَأَنَا كَظِلِّ حَائِطٍ يَتَرَنَّحُ عَلَىَ تَعَرَّجَاتٍ الْطَّرِيْقِ.


مَا وَرَاءَ الْلَّحْظَةِ الْقَاتِمَةٌ ، لَسْتُ وَحْدَكَ لِانَّ الْلَّحْظَةِ تَنَامُ فِيْكَ، كُلَّمَا يَزْدَادُ جُفَاءً الْلَّحْظَةِ وَقَسْوَتِهَا ، تُصْبِحُ قَابِلَةٍ لِلانْفُجَارٍ أَكْثَرَ، يُوَازِيَ انْشِطَارِ الْلَّيْلِ الْغَرْيِبَّ حِيْنَمَا تَكُوْنُ وَحِيْدَا ، لَا يُهْزَمُ وَحْدَتِهِ حَتَّىَ وَانْ دَقَّتْ سَاعَةً مُنْتَصَفِ الْلَّيْلِ ، يَنْقَسِمُ وَيَتَفَرَّقُ وَانْ انْتَصَفَ ، فَهِيَ ايذَانَ كَيْ يَمْضِىَ الَىَّ الْنَّهَارِ وَيُتْرَكُ هَمْسْ احْلامُكِ عَلَىَ الْوِسَادَةِ ، وَرَائِحَةُ هُنَاكَ فِيْ رُطُوْبَةِ الْغُرْفَةَ الْخَشَبِيَّةِ الْسَّرِيْرِ وَالْنَّوَافِذَ ، زُجَاجِيَّةِ الْحَكَايَا الشَّفَّافَةِ ، وَانْعِكَاسَ لِوَمِيْضِ الْكَلِمَاتّ. لَوْ تَدْرِيْ عَبَقِ رَشَفَاتْ الْقُبُلِ أَنَّهَا مَازِلْتُ تَسْتَلْقّىْ بِكَامِلِ عِطْرَهَا فِيْ مَسَامَاتِ الْزَّهَرْ، وَ مَا بَرِحَتْ تَلُوْحُ بِالْأَرَقْ الْبَنَفْسَجّي وَتَشْطُرُ عُيُوْنَهُ الْغَافِيَةْ الَىَّ نِصْفَيْنِ.

هِيَ الْلَّحْظَةِ الْمُرَوَّاغَةِ، تَنْسَكِبُ فِيْ لَحْظَةٍ الْغِيَابّ عَلَىَ مَهْلٍ، تَغَوَصَ اقَادَمُهَا فِيْ رِمَالِ الْصَّحْرَاءِ عَلَىَ تُخُوْمِ الَصَحَ وَالْخَطَأُ. لَحْظَةٍ حَيْرَىَ بِلَا رُتُوَش وَقِنَاعُ وَسُؤَالِ، تَفِرُّ مِنَ شُقُوْقِ أَصَابِعِيْ ذَاتَ مَسَاءٍ ، تَغَنَّجُ بِحَيَاءٍ طُفُوْلِيٌّ يَتَأَرْجَحُ فِيْ أَذْيَالِ الْلَّيْلَةِ الْفَائِتَهْ. كَيْ تُعِيْدَ التَّوَازُنِ الَىَّ لَحْظَةٍ غَارَتْ فِيْ ضَوْضَاءْ الْتَّارِيْخِ قَبْلَ انْ تَتَبَعْثَرُ فِيْ جُغْرَافِيَّا الْرُّوْحِ وَتُفَارِقَ حَنَايَا الْجَسَدِ. تَعَالَي أَيُّهَا الْلَّحْظَةْ مِنْ جَدِيْدٍ عَارِيِّةٌ مِنْ وَجَعِكَ الْمُزْمِنُ، تَلهِجَينَ بِمَا وَرَاءَ الْلَّحْظَةِ ، حَتَّىَ تَسْتَقِيْلُ الْاحْزَانِ مِنْ كُحْلُ الْلَّيْلِ وَتَنْبِضُ الْدَّمْعَةِ فَرِحَا يُغَرِّدُ كَالحَسَاسِينَ بَيْنَ أَغْصَانِ الْلَّوْزِ ،وَعَدَ لَحْظَةٍ مِنْ هَامِشِ يَوْمِيَ، بَعْضُ فُتَاتِ مِنْ خُبْزَ الْحُلْمِ ، يَتَحُدَرّجَ ارْغِفةً لِلْفُقَرَاءِ كَنَبْعِ مُثْقَلٌ بِكُرَيَّاتِ الْمَاءِ تَصْنَعُ جَدَاوِلِ الْنَّصْرُ فِيْ حَدَائِقِ الْعُيُوْنِ.

مَرْوَانَ عَبْدُ الْعَالَ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء

قلم أخضر