لمن هذا النص؟





حين يراودك جنون السؤال، عما تكتب ولمن هذا النص؟ وتقتفي أثر الكلمات لاهثا وراء فصل لاهب من الدهشة.ستلقي عليك عباءة من الحذر المشرق وحتى لا يصير لقمة سائغة أو فريسة الغموض البهي.

هو نص ليس الا...ماذا لو ادعت الفراشة أنها سر نضارة الورد ؟ النص مثل الحب تماما ، هو اختيار انساني في القدرة على البوح ، لم تنشغل النخلة بنفسها وتبدع سعافها لمن يستظل في فيئها.، ولا ظن بيكاسو يوما بما ستحدثه تعكيبيته الصنمية في نفس المتلقي ، كما أطلق سلفادور دالي هوسه في خطوط سرياليته ومضى.

النص حرب شعواء ضد الصمت الثقيل الذي يهدر داخلنا كدوي "بلدوزر" يقتلع بيتا مطمئنا في السكون و يجتاح الروح بجحافل من العزلة،صمت يقبع في الحناجر ككاتم الصوت ولكنه أشد قتلا من المسدس.

هو نص لصوت رحل بعيدا حين اندلعت فينا المسافات وترك لي الصدى بلسما لبقائي ومنفاي ، الصوت الهارب من قساوة النسيان الى ذراعي الذاكرة الطرية، تفرض حصارها الطوعي حسب توقيت الشوق كحمى تشعل الحواس ،تعبر الأوقات الضائعة في سريان يتغلغل تحت جلدي، تكون اللحظة أجمل حينما يلامسني الصوت أكثر ويصير المنفى أقل.

للصورة المتاحة وفي ختلاس ممنوع ، من بوح الضحكة العفوية التي تتدحرج من القلب بفجائية تشبة زخة المطر. كي تذيع لي كل أسرار الشهوة المختبئة زمنا في تفاصيل الوحشة. وتعلق دمعها في عيني مذ اختلست الصورة قلبي في تراتيل الفراق.

نص للشقة الشاغرة ، لفراغ المكان المظلل بالغياب ، لظل تعلق على الحائط ومضى ، تأرجح بين محطات للاسفار الرمادية الوداع لا يسكنها سوى كتل من الغبار واسراب من العناكب و الضجر، ابحث عن بقاياي القادمة مع عقارب الرحيل ، عسى أن تتعثر بي يوما خطوة من حنين وتلتقي بأحلامي في زاوية منسية ، أحلامي التي خبأتها لزمن يعج بألوان الصخب.

هذا النص لكل رصيف هارب من حنايا الوقت ، زرعته خطواتنا الثملة حتى ينسدل المكان نحو ليل مضمخ بالزعتر الاخضر ، يرمقني بالحيرة ويبلل تفاصيلي بعرق معلق على خطوط يدي ، أكتب فتزداد شريايني نفورا ،ويعدني بشغف كرائحة النعناع ،ارتديه جسدا وعطرا حتى نصل معا الى زرقة البحر.

هذا النص لأول الصباح ،وتر من صلاة الروح كلما يبزغ الفجر ييفيح عبير الأقحوان وترتدي عتبة الباب ثوبها المقدس هربا من دنس اخر الليل ،واحشو وسادتي بالحكايات النائمة ، كي تنداح الصخربة المواربة من بوح آن له ان يستفيق ! من سبات السنون الغائرة في ذاك الموسم الثلجي ،وتحترق الشفاه اليابسة بلهيب ينطق بناري المجوسية.

للمساء الذي كلما أتى ، ترافقه أضواء الشوارع ومنارة البحر وعجقة المشاة على طول الشارع المتفرع من مفترق الحياة ، تعج المقاهي بالنزلاء ويطوف الكلام وفناجين القهوة ، وقرع الكؤوس ، تهيم بوشوشات لابجدية النهار. انتظر هناك كل مساء ، لكنه لا يأت ، سانتظر المساء المقتطع من جثة الوقت بلا كلل او ملل. مثلما تتلهف السنونوات لسماء خريفي ، كي تمارس طقوسها الاحتفالية على مسرح النجوم في كرنفال الحرية.

دع النص يمارس هذيانه الجميل ،بلا حدود وحصرية وتوقيت ،لا تضبطه ساعة حائط أو منبه للاسيقاظ الصباحي . هو لوحة تشكيلية تغادر قيودها الخشبية ، تصهل بألواني الوحشية ، تصل الحواس لا البصر ، تهيج بقوافي لا تتسع للخيال ، بلغة تجيد مقارعة الحواجز ، تتسلق جدران المسافات وتخترق المستحيل.

هذا نص لك. لمن يأبى ان تحل احزانه مكان ابتسامته ، ويخرج مارد ذكرياته من قمقم النسيان او يرضى ان يسبق الشمس شروقها، والذي يصر ان يكون الناجي الوحيد من مجزرة الاحلام. للبهجة حين عثرت بأناملها الطفولية على الاحرف الاولى للغة الام .

النص ليس كأي نص ، هو لي ولك . النص لنا بكل حذافيره ، حين اختار قلمي وعد حرية بكل ما اوتي من حب ينحت في صلصال الكلمات كي تتدفق طليقة من حبر القلب لم يكن يوما حسب أوامر الواجب المقر في صحائف العهود الورقية القديمة ، ليس نصا مشردا يبحث عن خيمة ولا هي كلمات عارية تحتاج لمن يستر عريها ، هو االثوب والخيمة والمخيم لمن يقطنه ، حتما سيكون النص له.

مروان عبد العال....2010-10-4









تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قلم أخضر

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء