ذات حرية

ذات حرية ، إستل القاتل سيفه ، كان يقطر بالحكم الدامي ، خمسة وثلاثون سنة للقائد أحمد سعدات ، و ينضح وعاء العنصرية بما فيه من حقد ، عله يشفي غليله المرضي بعلاقته بالاخر، هو الذي سرق الارض ، يبتهل جنونا في رقصة الشعوذة ، وهو يستعرض للقبيلة طريقة أغتيال الحرية بأبنائها ، فردا فردا مثل طقوس أكلة لحوم و أعمار البشر.


سألته أم غسان رفيقة دربه..وبحس إنساني مرهف، هذا يعني أننا نحتاج لخمسة وثلاثين سنه لنلتقي مرة أخرى ؟ صدمني جوابه الواثق بالامل حينما قال: وهل تعتقدي بأن الاحتلال باق لخمسة وثلاثين سنة اخرى؟

ما هي المسافة التي تحتاج الحرية لعبورها ، ما طعمها ، كيف تقاس؟ أسئلة أحتشدت وتجددت مع ايام العزل المتجدد ، الى حد أحتجاز التنفس في قاع زنزانة انفرادية، هناك يكسر أبو غسان ظلال الشمس و لا ينكسر ، يطبع سفر الحرية على جدرانها السوداء ويكتب التاريخ بأبجدية من نار ، علها تحرق وجوه المتفرجين والصامتين والمحلقين على جرحنا كالذباب .

أنت الشاهد ، وبشارة الحرية ، تتلو علينا درسك ، بأن الحرية ليست وجبة سريعة ، والاستقلال ليس قدر من الكنافة ، وليس حفل سلام جنائزي ، ينتهي بالورقة الرابحة بين اللاعبين على طاولة التفاوض ، هي شهوة السر الذي نكتبه بأصابعنا الدامية على بوابات الوطن، تذكرة الرحلة فيها تقاس بسعر الكرامة و بعدد الزنازين وساحات الفورة والحواجز والانفاق والحصار والجدار والمعابر والمجازر والقتل بالغاز البطئ والسريع الابيض والاسود والفسفوري.

لاسرك طعم المجد ،أصرارك الاسطوري في الثبات على الحلم، لأنك برئ من زمن الوهم والكوابيس ، يجرح حلوقنا بمرارة أسر الوطن بالاحتلال من جهة وبالسلطة التي تحولت الى شركة فئوية قابضة لتشتري سيادة فوق الرماد، نحن شد أسرا بتمزيق القضية و تمزيق الارض و تشتيت الشعب وانقسام الوعي والمؤسسات الوطنية ، أشد أسرا بمنفانا الذي طال ، حين وزعت دماؤنا على القبائل وكبر "الغيتو" النفسي والمادي في أعماقنا .

جواب التاريخ ، المجبول بالاحلام المكبوته والمؤجلة والمحاصرة، لانه في أمتحان الصراع لا وجود الا لسؤال الناريخ، تعلمنا وانت في القيد درس الحرية التي لا يقاس دربها بالسنوات و لا يحصى بعدد الضحايا بل بصورة البطل فيك ، النموذج الباقي لقادة بطعم الحرية ، ، لكنك لا تستطيع العيش بدونها.... وهي تعرف أبناؤها جيدا، ستحتفظ بك رمزا لها وساما على صدر زمن قادم ، شعبك على وعد الانتظار.

مروان عبد العال

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قلم أخضر

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء