عيونٌ من غسق !


نحن نتعدد ولم نتبادل الأمكنة ، كنت أنت أنت ، لا تشبه أنا أنا، لكن ندق في ذات الوقت ، في شغف يمضى خلف أحلامي الجائعة، هي تمر الآن في حالة تناوب عفوي على نافذة مسافرة في قمرة ساكنة، أتقمص ذاتي في غربة لامتناهية. مرة أشعر بأني أحد، كائن في حالة تحّول سرمدي ، ومرات كقارة منقرضة. تعاند الطبيعة للعودة الى الوجود ، في اللاوجود ولدت الحقيقة ، وفي أسطورة يتكئ عليها خيال شارد ، يواعد غزال تنساب بكلمات تلمع أشكالها بجوهر الألوان ، وأنت أنت عند محطة الصيف تكتب على سكة القطارات القادمة .

أطفال الغسق نحن ، ننام مع عناق الحياة ، على مقربة من ليل يصير أُرجوحة في باحة الدار الخلفية ، يهزها الريح بين طرفي المساء والصباح ، لقد أنتحر الرماد يوم ولدت في حضن المسافة بشائر المرحلة الغسقية فيها يختلط الليل بالنهار، وتسكب خمرة الأثنين في كأس واحد، عندها كل موج يجرح عين الغسق بزبد مالح، والقارب تمزقت أشرعته فمد لنا مجدافيه ذراعا نحو ميناء مهجور، وضحكات غوغائية نادرة تسخر من بحر يتثائب .

لم يبقى لي أنا سوى مرساة قديمة تكره ميوعة الرمال وأنت بوصلة معلقة كأيقونة سحرية ، تتدلى دائما عند جهة القلب، لكنها تشير الى أجمل الجهات. عيون غسقية جريحة تشردت مثل شغف خفي يهجر أنفاس البرتقال في منفاه الكئيب، لمسة خيال يصير للصباح سحره في تداخل خلاّق بين خيوط الذهاب والاياب، هي عيون من خبيزة وزعتر وفيجن تبقى فينا مثل الطيف الجميل.



مروان عبدالعال



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قلم أخضر

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء