عيون من زيتون

.... وأخيراً باح لي هذا الصباح أن بعض السحر فيه لم يكن خرافة، وشوشات حبات الزيتون تسمعها دون أن تفهمها تنهمر من شجيرة محاصرة بين جدارين، خضراء موشحة كعقد من العقيق ، هي ذاكرة الزيتون ، نبتة الخلود ، شجرة لاجئة في بيت مخيمي ، تبكى جذرها قبل ان تنام. كنت اعتقد ان حدائق الجنة لا تنبت في نهر الجحيم. في حديث آخر قيل ان للزيتون عيون يتبع فيها أصحابه. حبات تتململ بالشوق الموحش ، تعرفت عليها عندما كشفت لي سرها وأعطتني قبلة من زيت سحرها هذا الصباح.


كل مرة ندرك بان المساء أخذ مكاني في عالم الخرافة، حتى لو شعرت أنه بحوزتنا ويستلقى تحت أغصان الزيتون ، جذعها في قلبي تحميه رموش عيون موناليزية ، وعلى مرمى الروح دالية عنب مثقلة بكل ألوان العناقيد ، تمتشق بريقها وهو يشق جبهة الفجر من بين أزرار قميص نافذتي. كان متروكا للعدم ، قبل ذاك الشيء ، كان أنا نفسي تهطل منها الطفوله هناك بكل ما فيها من خربشات على جدران مدرسة قديمة، هناك طائرٌ أزرق وفي زاوية أخرى سمك برتقالي وفوق ورق أبيض هناك قطط تتراقص بظلال ألوانها والضوء يبهر الجدران بعقارب الوقت تعبرنا ، كي نلتقي على ضفة وهمية .كلماتنا تتدحرج على هضاب الروح حتى آخر الليل .تتوسد الكلمات وتفترش الصفحات، لا تريد للحكاية ان تتوقف، حتى لا تهجرها الاحلام ، تهمس للمساء ان لا يطيل الغواية ولا يتأخر عند عتبة الليل فثمة أحلام تنتظرك ولا تنام ، وعيون لزيتون لا يجفل .

مروان عبد العال

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قلم أخضر

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء