كائنات 3
الكائن(الثالث)
خان الشاوردا :
تصف جدتي الباب المفتوح على مصراعيه بأنه مثل " خان شاوردا ". الكلمة تتردّد على لِساني كأنها بلا كائن أو أصل مكاني. وصف معتمد لكل حالة تسيُّب وفوضى ، تُوسم بحالة " خان شاوردا " كلمة إستوطنت لغتنا ، ولم نكن نعرف منبتها الأول ، وما هو معناها الأصلي ، سوى أنها وصف الباب المخلوع والوطن الذي بلا باب أو بواب يحميه , حتى قرأت مرّة بالصدفة عن قصة هذا الخان ، بأنه يقع قرب المدخل الشرقي لسور مدينة عكا ، كان مكان واسع في وسطهِ سبيل مياه لسقاية المواشي. " الشاوردا " هو سبيل لكل عابر سبيل، لا تحتاج لتصريح كي تدخله ولا لِتزوير جواز سفرك ، كي تكون ضيفا ، ويطيب لك المقام، رشيقة هي الكلمة تتبعها فتصل بها إلى وطن ، إلى الباب الأهم من البيت ، من لا يملك الباب لا يملك البيت ، حين يصادر الباب منك ، تصادر حريتك منك ، لك البيت ولنا المفتاح ، وحين تستأذن النوم في بيتك لا يكون بيتك ، هو حقل تجارب في فن تشويه صورة البطل ، وتتكسر المرآة التي تتعلّق عليه وجوهنا، باب الدّار في المخيم كان مفتوحاً باستمرار ، للداخل والخارج ، وخاصة عندما تشترك في الدّار عدة بيوتات، باب مفتوح لا أذكر إن كان له قفل؟ أبدا ، لم أجدهُ مغلق بتاتاً ، أستغرب لِمَ يُقال عنه أنه " خلقت باب يرد من الكلاب " ، يأتي الجواب على عجل " الكلاب أخذوا بيوتنا الأصلية وما نفع المفتاح إن كان لا يوجد باب؟ " لم يعد في المخيم داعي لقفل باب ، لماذا يصير المحتل بواباً كي يلقي القبض على همس العصافير ويضع حاجزاً بين قبلة الفراشات وثغر الياسمين ، وجلست شرطية الحدود خلف الزجاج على بوابة الوطن على طريق تعبر النهر ، ساعات تدقق في أوراق الزائرة الجميلة التي لم يتوقف قلبها عن الضجيج في تلك اللحظة ، وسألَتها : ما هو سبب الزيارة الى رام الله ؟
ما كان من الصبية القادمة من المخيم للمرّة الأولى إلا أن تجيب بشكل عادي : أنا ذاهبة إلى وطني !
نظرت الشرطية بلؤم وقالت باشمئزاز يتقصّد الإهانة : هل أنت متأكدة أنه وطنك ؟ !
تتردّد الأقدام في المسير ، بينما يبقى هذا العبور يطارد الذكريات في رأسي ، ما زال يتبعنا كلما ولدت فينا نبضة قلب ورعشة حلم ، وشغف السؤال ، ذاك الكائن الذي يبقى لاجئا وإن أتعبه السفر ، أنا الكائن الشقي الذي لا بد منه ، يهزني السؤال : ما البيت بلا باب والمكان بلا روح والكلمات بلا معنى وما الوطن بلا بطولة ؟
خان الشاوردا :
تصف جدتي الباب المفتوح على مصراعيه بأنه مثل " خان شاوردا ". الكلمة تتردّد على لِساني كأنها بلا كائن أو أصل مكاني. وصف معتمد لكل حالة تسيُّب وفوضى ، تُوسم بحالة " خان شاوردا " كلمة إستوطنت لغتنا ، ولم نكن نعرف منبتها الأول ، وما هو معناها الأصلي ، سوى أنها وصف الباب المخلوع والوطن الذي بلا باب أو بواب يحميه , حتى قرأت مرّة بالصدفة عن قصة هذا الخان ، بأنه يقع قرب المدخل الشرقي لسور مدينة عكا ، كان مكان واسع في وسطهِ سبيل مياه لسقاية المواشي. " الشاوردا " هو سبيل لكل عابر سبيل، لا تحتاج لتصريح كي تدخله ولا لِتزوير جواز سفرك ، كي تكون ضيفا ، ويطيب لك المقام، رشيقة هي الكلمة تتبعها فتصل بها إلى وطن ، إلى الباب الأهم من البيت ، من لا يملك الباب لا يملك البيت ، حين يصادر الباب منك ، تصادر حريتك منك ، لك البيت ولنا المفتاح ، وحين تستأذن النوم في بيتك لا يكون بيتك ، هو حقل تجارب في فن تشويه صورة البطل ، وتتكسر المرآة التي تتعلّق عليه وجوهنا، باب الدّار في المخيم كان مفتوحاً باستمرار ، للداخل والخارج ، وخاصة عندما تشترك في الدّار عدة بيوتات، باب مفتوح لا أذكر إن كان له قفل؟ أبدا ، لم أجدهُ مغلق بتاتاً ، أستغرب لِمَ يُقال عنه أنه " خلقت باب يرد من الكلاب " ، يأتي الجواب على عجل " الكلاب أخذوا بيوتنا الأصلية وما نفع المفتاح إن كان لا يوجد باب؟ " لم يعد في المخيم داعي لقفل باب ، لماذا يصير المحتل بواباً كي يلقي القبض على همس العصافير ويضع حاجزاً بين قبلة الفراشات وثغر الياسمين ، وجلست شرطية الحدود خلف الزجاج على بوابة الوطن على طريق تعبر النهر ، ساعات تدقق في أوراق الزائرة الجميلة التي لم يتوقف قلبها عن الضجيج في تلك اللحظة ، وسألَتها : ما هو سبب الزيارة الى رام الله ؟
ما كان من الصبية القادمة من المخيم للمرّة الأولى إلا أن تجيب بشكل عادي : أنا ذاهبة إلى وطني !
نظرت الشرطية بلؤم وقالت باشمئزاز يتقصّد الإهانة : هل أنت متأكدة أنه وطنك ؟ !
تتردّد الأقدام في المسير ، بينما يبقى هذا العبور يطارد الذكريات في رأسي ، ما زال يتبعنا كلما ولدت فينا نبضة قلب ورعشة حلم ، وشغف السؤال ، ذاك الكائن الذي يبقى لاجئا وإن أتعبه السفر ، أنا الكائن الشقي الذي لا بد منه ، يهزني السؤال : ما البيت بلا باب والمكان بلا روح والكلمات بلا معنى وما الوطن بلا بطولة ؟
تعليقات
إرسال تعليق