حواس خرافية


منذ مدة غير بعيدة، تسللت طيور الى غرفته، اخترقت جدارة الزهر بدون حواجز تمنعها من العربشة فوق حافة حجارة نافذته الرمادية ، لتقيم هناك طقوسها اللّهية في عرس القمر، تنشد اغانيها فوق حقول مغطاة بالثلج، حتى انفجرت ينابيع الحواس، لحظتها عادت الأنهار تسجد على أقدام ربات الماء، تعانق ابنها باجنحة سريعة تحترق بخصلة من شعرها اللازوردي وآهات منحوتة من صخر. عندما تذكرته تحول جسمها الى ماء، كلما كانت تلين عظامها فتصير مثل جداول ندية، تتفكك ثم تتلاشى في أمواجه المالحة . تعّرف الطفل على أمه جيدا وهي تنفخ الجحيم فيشتعل الهواء ويسقط صريعا في مهده المقدس . من فرط المطر كانت الأرض تعلن بزوغ القمح في ساعة الأخضر. أعطته من نبيذها القرنفلي خميرة الحصاد، عصرته بين شفتيها وقطفته ببراءة ، فعاد الى شكله الاول ، يختال في ليل مخيم ، يلهث وراء زمن مستحيل ، نصفه يتلألأ فرحاً، والنصف الآخر يبحث عن غيمة تسيل ضائعة من صدرها، فيؤدي الصلاة في مقام الانبياء وهو عالق في الفضاء، ليسألها : من أنت يا أنت ؟ من أين أتيت؟ وأين وطنك ؟ ما اسمك ؟ فجأة تصاعد البخور في ارجاء معبدها فاشبعت قلبها بالشهيق وبالرغبة وقالت : حواس إلهية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قلم أخضر

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء