التكريم للمخيم المثقف الذي يكتب حكايته الاسطورية


الى الحفل الكريم و جهة التكريم ...  من دلالة الزمان في النكبة الام عام 48 والنكبة الصغرى ، جرح البارد 2007 والتكريم لأصالة المكان الذي هو المخيم ، مهبط الحلم و مسقط الرأس و القلم والسطر والصف والابجدية والكتاب. يشرفني ان اتسلم جائزة المربي والكشفي والصديق الاستاذ حميد عبد العال طيب ذكراه . وفي مكتبة  تحمل أسمه وتخلد ذكراه ايضا ومؤسسة يافا الكشفية والثقافية والرياضية التي أسسها وهي تأكيد منها بأنها على الطريق وحلم حميد عبد العال .
 التكريم الحقيقي للثقافة الوطنية ،  والتي تأبى ايضا ان يحتفى بها  كمناسبة  بل التعاطي معها باعتبارها رؤية ومرشدة واسلوب حياة  وتمكينها لتصبح بحق مكونا رئيسيا من مكونات هويتنا الوطنية ..   استعادة الحياة .. يعنى استعادة كل شيء ، لكنها ناقصة دون الحياة الثقافية .. وعندما نتباهى بالمخيم لسوق تجاري للمحيط ، فهو ايضا مركز ثقافي وتربوي وابداعي .
 ما زال لدينا عمل ، ان نستعيد المثقف كي  يظل ساهرا  فوق الذكريات القديمة ، يحفظها الى الاجيال الجديدة ، حتى لا يأكلها الصدأ، حارسا فوق نبع الحلم كي لا يجف، نحسن فعل الحرية  كي نقاوم الظلم ، " في سفر أيوب ، إلتهمت الافعى البلبل الصغير الذي لم يتعلم الطيران جيدا ، امضى سنوات عمره في قفص ولم يتقن فعل الحرية  لذلك كانت مقاومته للثعبان اضعف " لقد ابتلعتنا الافعى لاننا لا نجيد فعل الحرية ، ان جهد  بناء الحجر لا يكتمل الا بجهاد  بناء البشر . 
على الثقافة  تقع مهمة اعادة اعمار المجتمع  وترميم الثقافة وجمع حطامها المبعثرة  .  من  صنع النكبة وابدعها بكل ما فيها من اقتلاع وقهر وظلم غير التخلف و الجهل واللاثقافة  ، ابشع انواع القتل هو بلغة مزيفة  وقلم  فاسد او بلسان كاذب وعدسة مزورة  حتى لا نسقط ضحية الصورة المشوهة  من اجل استلاب الهوية و تمهيش الانسان  و سلخ  المكان  وقلب المعادلة بين القاتل والمقتول ، تمهيدا لتغيير القيم و كسر الارادة  .
  المخيم  كان وسيبقى مقلع الحكايات لأن حاراته تكتب بأسماء بلدات فلسطين الحقيقية  لذلك اجد كأنه رواية غير مكتوبة ، والذين مضوا بقيت خيوطهم بشكل اصوات وكلمات واحلام حية منها استمد النسيج الروائي ، وشخصيات روايتي عموما ملتبسة كانها ضائعة في زاروب مخيم ، لكنها من خيال شعبي سخي ومتدفق باستمرار ، الشخصيات بمعظمها  لا تمتلك أوراق تعريف ولكن لها هوية وانتماء .
 شكرا للبطل الجماعي ، كلما كنت انتهي من الرواية  ابدأ بالبحث عن  اسم للبطل . مشقة البحث، عن  لغز الأسم الذي يختزل الجماعة ، البطولة الجماعية التي اعشقها دائما في زمن هزمت فيه البطولات الفردية . والبطل الجماعي هو الحقيقي حتى لو اخترت له  أسما حركيا وأشكاليا  في ذات الوقت ،  ليس لأن الابطال مثلنا هربوا من اسمائهم الصغرى الى الكبرى ،.
شكرا  للنصف الاخر لكل بطل كتبته ، للانفصام المريع بين فرح وحزن وكابوس وحلم بين منفى قديم ومنفى جديد ، تناقض غريب حين  يبقى نصف بطل ،  دائما يشعر انه فقد نصفه الاخر ، يريد وطن كسائر  البشر، على صورة الحلم الذي قد لا يكتمل الا بالحقيقة.
 انا احلم اذن انا موجود ، انا اكتب يعني انا موجود، لكن احسدهم بقدرتهم على السفر بدون استئذان من احد، حتى اني خلقتهم ونسيتهم ، لذا عبروا  قبلي الى امكنة  بعيدة و وتعرفوا على اناس  يعرفونني ولا اعرفهم . شكرا  للمخيم  المثقف الذي يغدق علينا  حبر الشغف  وليكتب هو حكاية اسطورية من أمل متواصل،  والى شراع الكتابة  وممرها الآمن الذي انقذني من طوفان العبث ، واستعيد سحر الطفولة من بين انياب الواقع المرير والمحفوف بكل أنواع البشاعة ......

* نص كلمة الكاتب مروان عبد العال بعد تسلمه جائزة الابداع من شباب نادي يافا  يوم 18/5/2014 في مخيم نهر البارد


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قلم أخضر

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء