نص الكلمة في تكريم الملتقى الادبي الثقافي/ عبد العال : الثقافة جمال وقوة وافتخار وتوازن وتباه ٍ ومجد



بعد أن أدمنت اللقاءات ، إلا أن لهذا للقاء معكم مذاقه الخاص، مذاقُ الثقافة والهوية والمقاومة ، مذاق المخيم الذي هو منجم الحكاية وأصلها وفصلها  .
جميل أن أرى التكريم منكم وأنتم من يستحق التكريم.
شكراً لهذه المبادرة الطيبة مع الشموع  التي لا تنطفئ ، لنكون في مساحة ضوئية وسط حصار العتمة ، من رفاق القلم في الملتقى الادبي الثقافي الفلسطيني كي ينتصر الجمال على البشاعة  . 
 ولوجودكم الذي منح لهذا المساء كل هذا الإيقاع الجميل .. ومنحتني شرف إلقاء التحية الى المربى المبدع استاذي حسين ابو العلي وإلى الحبيب الدكتور صلاح الدين الهواري، أول من يضع مجساته على نصوصي ، والشاعر الجميل مروان الخطيب، الذي عالج بمبضعه بعضها نقداً ونشراً . 
نحتاج لتكريم الإبداع الذي يقارع بالقلم والمداد والورقة والمعاناة والصبر والأمل ويستحق صنّاعهُ الجُدد والقدامى كل الثّناء على عطاءاتهم ومجهودهم . 
وتحية حب لأصحاب الأبجدية الأولى من الأستاذ المرحوم أبو زياد ليلى في الصف الاول ابتدائي الى الاستاذ طيب  ورفيق النضال للشيخ صالح شعبان الذي قرأت معه وله الفلسفة والأدب وهو من يشعل شمعة ويلعن الظلام..
ولكل من علمني حرفاً  لوالدي الذي منحني فرصة الدهشة الغامضة  والرسم بحاسة اللون في وصف ما أعرفه عن زماني المحتمل واستعيد بصرياً وحسياً وفكرياً كل الأشياء التي لم تعد حصرية لذاتي ، ولكل  الذين أسهموا  بطريقة ما في زرع شغف القراءة ، لوالدتي ، أول روائية في حياتي،  وهي من عززت في نفسي غواية الكتابة. و أتمنى كما شاء الروائي التركي أورهان باموك أن  يظل القارئ يتذكر أنّني من علم نفسه بنفسه ايضاً ، وقرر أن يصبح روائياً بقراءة الكتب في مكتبة والده وأي شيء آخر يقع في يده، أساساً الكتابة هي عملية بحث صديق في سواد الليل وتفتيش عن ووجوهنا الظلام .
كلما تصدر رواية لي ينتابني إحساس عميق أن الرسالة لم تصل ! ربما لأن الرواية وان انتهت لكن للحكاية حياة مستمرة ، ومعلقة في مبارزة كبرى ، ويبقى السؤال المحوري فيها: لمن الغلبة ؟ الحلم ام الواقع؟ الاصيل ام الدخيل ؟ الرمز أم الخرافة ؟  المجهول ام المعلوم؟  لمن ستكون الغلبة؟  
أبحث عن تحدي السؤال المتعلق بالوطن ، وهو غير مفصول عن تحدي الحرية كغاية إنسانية.. أعرفكم وأنا أرى نفسي وأراكم، ولا مناص. هكذا ألتقط  منكم بطل كنموذج أو عينة ثم أتركه، اخرجه مني بالقوة  ومع ذلك يظل بالنسبة لي هو انجاز لا يموت .
ربما لأننا نحن أناس مللنا البطل الاستعراضي ولا نبحث عن بطل ، أي بطل بل عن "البطل" ، لا نبحث عن بيت أي بيت مهما كانت مواصفات البيت بل عن "البيت "ولا عن وطن أي وطن بل عن "الوطن" . 
الفرق انه ليس البحث عن مكان بل البحث عن من نكون . 
أعترف أنني أعمل بوتيرة سريعة ، كي أجترح معجزة  كتابة الغموض والغير واقعي والمسكوت عنه ، وأوثق الحلم المخبأة  في الاخرين  والخيال الذي ينطق بالحقيقة، طالما لم يستطع هؤلاء الآخرون أو لم يعرفوا كيف يفعلون ذلك، أو ربما لم يريدوا القيام بذلك على الاطلاق. لانكم انتم مصدر فخري وإعتزازي . ورسالتي لكم ان الثقافة : جمال وقوة  وتوازن وارتقاء وتباهٍ وافتخار..
 للذين زرعوا في التراب بذور الكلمة وزهور الحكاية وشجرة المعرفة من أدمغة وقلوب وضمائر فلسطين وهم وجدانها مثل غسان كنفاني وادورد سعيد وانيس صايغ وشفيق الحوت ومحمود درويش وجبرا إبراهيم جبرا وسميح القاسم وسائر الأعمدة الفكرية والجبهة الثقافية  ستظل قلعتنا الاخيرة  ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قلم أخضر

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

ميدوسا": خِزَانَة تَجْر الْبِلَاد اليوم الثامن