إيفان الفلسطيني هو ذات "عرب" المأزومة


رواية إيفان الفلسطيني بعيون تلميذة تونسيّة: (4)

بقلم : أماني بن جميع (أولى ثانوي)

 إيفان الفلسطيني رواية للكاتب مروان عبد العال الذي ولد عام 1957 في مخيم  نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان. وقد عالج فيها أزمات شخصية ايفان أو عرب، وهما وجهان لإنسان واحد فلسطينيّ قسمته الغربة بعد سنوات من إنكار للذات وللماضي معا. فايفان يحاور عرب الشخص الطفولي الذي حمله إلى الغربة وراح يطارده بكامل تفاصيل حياته السابقة وأحلامه البسيطة منذ أن كان في دكان أبيه في المخيم. فقد كانت علاقته بوالده متوترة مع انه يشمئز عند كل ذكر لمولده  من جراء ما قام به من تغيير لتاريخ مولده سنوات إلى الخلف لأجل بوطً". لقد تم تغيير عمري بإعادة عقارب الزمن لسنوات أربع للوراء و بسهولة وفي سبيل ماذا؟ من اجل جزمة "   و استفزه الأب حين استبسط الأمر وقال "ايه يا بني ضاعت الأرض وتشردت أصحابها ووقفت على عمرك؟ " . ووالده رجل لباق ولماح وخاصة قليل الكلام.. ذو وجه نحاسي مصاب بالدهشة المزمنة وشديد التعلق بالإيمان ويخاف الله ودائما متشبث بمقولته «يا ابني كنيسة الرب في القلب" . وكان ملتزما بتأدية فريضة الصلاة وفي اغلب الأحيان يرشدني بالانتباه إلى مستقبلي ورغم أن صديقي "صخر «مقرب جدا إليّ الا ان أبي لا يحبه ويأمرني بعدم الخوض بالأمور السياسية التي يتعاطاها صخر".  وقد اعتبر عرب اباه شخصا ذا طباع سيئة. فهو الإنسان العابس والصامت والمتسلط. وكان عرب يعمل مع والده "بين حضيرة البقر في علفها ومعاونته في ملحمته بعد ذبحها مع خرجيه بسيطة لم يحلم بها اي مراهق في سنه" .  
لقد كانت علاقة سطحية مليئة بالتوتر والغموض، علاقة آمر و مأمور. وهذا ما جعل عرب  يتفاعل مع  وفاته ببرود، على عكس علاقته بأمه. فقد كان أكثر ارتباطا بها. فهو فلذة كبدها بين ست إناث. فقد أعطته كل معاني الحب والعطاء والحنان والتضحية.  فهي لا تجف ولا تتعب.. متدفقة دائما. وقد أرادت منه أن يتزوج من ابنة خالته "هنية" لأنها تحبها كثيرا وتراها لائقة به. أمّه ترعاه وتهتم به من كلّ النواحي  نظافة جسمه، نعومته، غذائه، وخاصة تشجيعه على أكل المجدرة. فهي نبع الحنان والرعاية وهي المربية والموجهة لمكارم الأخلاق ومعالي الصفات من أقوال وأفعال. ولذلك شبه أمه بالوطن وكذلك الوطن بأمه. وبأنها تلك المرأة التي يقبع الحزن على محياها ويفرد أسراره في تقاسيم وجهها .
وحين توفت والدته كان بعيدا عنها منذ زمن.. لكن ذكراها بالنسبة لعرب  تتجدد باستمرار وتمزق قلبه وتفطره شوقا. فقد تركته وحيدا بالدنيا. وأصبحت الحياة صعبة وقاسية بالنسبة إليه. فهي علاقة وطيدة ومتينة. أما صخر الصديق المقرب.. مستودع أسراره وأخوه الذي لم تلده أمه. الوحيد الموثوق به والذي يصارحه بأخطائه . ودائما يتبادلان أطراف الحديث، وخاصة في المواضيع السياسية، وكذلك عن الموت في سبيل الوطن فلسطين الحبيبة. فقد كان صخر متمنيا أن يكون شهيدا.. فداء لروح هذه الأرض المعطاء.  كان الشخصية الايجابية التي يحاول ان يسير هلفها ويتهذها نموذجاً له، الفدائي الذي يتعب ولا يصاب باليأس، لكنه يعترف  انه استعاد الصراع في معادلة داخلية ربما أدت الى أن النصف الاول يطلق النار على النصف الثاني للشخصية نفسها .
هكذا هو صخر الشهيد والصديق والمخُلّص ،فما يجمعهما يتجاوز الوصف لأنها علاقة تتجاوز حدود الصداقة والأخوة لتتلاحم بمعنى الانصهار في الوطن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كنفاني المثقف يستعيد نفسه

قراءة انطباعية في رواية جفرا والبحث في البقاء

قلم أخضر