" الزعتر الأخير" رواية تبحث عن الأسئلة العميقة
الروائي الفلسطيني عبد العال لـ القدس للأنباء": "الزعتر الأخير" تبحث عن الأسئلة العميقة!
وكالة القدس للأنباء - خاص
عمارته الروائية تكبر تجربةً فوق أخرى، وجديدها حجارة "الزعتر الأخير"، التي حاول من خلالها أن يمزج بين الواقع والخيال.
أسَس رواياته على ظروف المنفى، المخيم، معاناة الشتات وعذابات اللجوء، والحنين إلى الوطن.
اختار الروائي الفلسطيني مروان عبد العال بطله من البيئة التي يغرف منها أسئلته العميقة، التي لا حدود لها، تحدث لـ"وكالة القدس للأنباء" عن روايته الجديدة، والرسالة التي تضمنتها، والذاكرة المشدودة إلى الأرض التي لا بديل عنها.
يقول عبد العال أن "أي عمل روائي له هو جزء من عمارته الروائية الذي يحاول أن يضيف له جديداً، فهناك أسلوب دائماً يكون فيه عدة ألسن، وعدة أصوات ومن مواقع مختلفة، وهذا يؤكد على فكرة التمازج الدائم بين مستويين : المستوى الواقعي والمستوى المتخيل".
وأوضح أن "المستوى المتخيل هو دائماً يحاول أن يعطي صورة أخرى للواقع، ولا ينفصل عنه كما هو الواقع، وليس توثيقاً ولا تأريخاً، إنما الواقع هو كما أراه بعين الروائي.
ويضيف عبد العال: " أنا جزء من الذي كونني وشكل هويتي هو المنفى، هو المخيم، هو هذه القضية الفلسطينية التي نحن نعيش بها، فمن الطبيعي أن تعطيني خيالاً خصباً، ومنحني الشتات مهمة للحفاظ على الذاكرة، ومن هذه البيئة تخرج الرواية ويخرج أبطالها".
ويشير إلى أن العنوان "الزعتر الأخير" هو مفتاح الرواية "ويعكس ما في مضمونها، وأتمنى أن أكون قد وفقت في إختياري لهذا العنوان، لأنها عبارة عن حياة، هذه الحياة تتكرر ولها أسئلة عميقة، بين إنسان اقتلع ليس فقط من أرضه، بل اقتلع من الحلم، وهذا الحلم ظلَ يتواصل معه، وترك فيه آثاراً كبيرة في حياته، إلى المخيم الذي يمثل جرحاً كبيراً، وعندما نقول "الجرح الأخير".. فنحن نتمنى على مآسينا أن لا تتكرر".
ويعتبر عبد العال أن "الزعتر موطن لا يتكرر"، فيمثل الذاكرة، فهو زعتر ينبت في الأرض في وادي الحنداج، المكان الذي عاش فيه بطل الرواية، وبنفس الوقت هو كان لديه ماعز، الصديق الذي كان يرافقه في ذاك الوادي، في تلك الأرض في الوطن، فالوطن هو تلك الأشياء الصغيرة البسيطة في الطفولة، والتي تشعرك بالأمان وتشدك لها. فالصخب الذي عاشه في المنافي، القسوة التي عاشها في الشتات، دائماً تلك الأشياء الصغيرة وطفولته التي عاشت معه".
ويقول: "تستطيع اقتلاع الإنسان من حلمه، ولكنك لا تستطيع اقتلاعه من ذاكرته، فهو هذه الذاكرة التي عاشت فيه، وبالمناسبة هو كان يطلق على الماعز أسم "زعتر"، لأنه كان يحب نبتة الزعتر الموجودة في ذلك الوادي، ولكنه عندما عاش حياته كان دائماً يتخيل ويتراءى شبح هذا الماعز، فهذه الذاكرة الطفولية كانت دائماً تواكبه في حياته".
وحول سؤالنا عن علاقة بطل الرواية بمخيم تل الزعتر، يقول: "لا أستطيع الخروج من هذه البيئة التي صنعتني، ولكن من حقي أن أطرح أسئلة مهمة وكبيرة، كيف لي أن أحمي هذه الذاكرة، ذاكرة فلسطين، هل حماية هذه الذاكرة الآن مازال ممكناً، لأن هناك أجيالاً تتناسل ، لذا القتال على جبهة الذاكرة يعتبر مقاومة، وخاصة نحن أمام ذاكرة ليست فقط تتناسل وتتوارث، ويوجد ذاكرة تتكسر، وذاكرة تغتصب، وذاكرة تستلب، وذاكرة تهاجر، وذاكرة تطلب حق اللجوء، فهل هذه الذاكرة ستبقى بخير، أم أننا مازلنا في هذه المعركة المستمرة ."
ويرى أنه "هنا تكمن معركة حماية وصون البقاء، سواء كان بالمعنى المادي للكلمة، أو المعنى المعنوي للكلمة، بالمعنى الجسدي أو المعنى الروحي، بالمعنى الذاكرة أو بالمعنى الحلم، هذه من الأسئلة التي تطرحها حول فلسطين ليست هي عبارة عن شعارات سياسية، ولكن هي تحول فلسطين إلى تفاصيل صغيرة، في حياة إنسان عايشته، كانت كئيبة منذ بدايتها، فبطل الرواية الرئيسي يبدأ من الموت، ويذهب إلى إنفجار في الذاكرة. الموت نهايةالإنسان، وإذا كانت كذلك هل هو نهاية ذاكرته؟ هل نهاية أحلامه؟ يسير وهو يتلقى ضربات قوية في القلب نتيجة إصابات ونتيجة ظروف عاشها، كان يعتقد أنه ممكن أن يكتب ذاكرته، لكن هو أصيب بمرض نادر جداً وهو مرض الإفراط في الذاكرة، وهي متلازمة الذاكرة، وهذه تعطيه تفاصيل مؤلمة جداً، يتمنى أن ينساها، ولكن سيقولها في هذه الرواية، فهناك تفاصيل خاصة وعامة متعلقة بها. ولكنها حياة شعب عاشها، فلذلك أصبح ضائعاً بين أمرين : بين أن يحافظ على الذاكرة، وبين أن يتخلص من جزء ومن عبء وثقل، ومن حمولة هذه الذاكرة، إلى درجة إنه كان يتوقع أن يتوقف قلبه بعد جلطتين في القلب، إلا أن الطبيب كتب أن الوفاة لم تكن نتيجة توقف القلب، بل نتيجة الإنفجار في الذاكرة".
وحول ما إذا كان يشعر بأن بطل الرواية استطاع أن يتجاوز المؤلف، يجيب: "كل شيء كتب فيها وقالها، شعرت بأنه سيطر على النص، وبالتالي هو سيطر عليَ ككاتب، وسيطر ربما وأريده أن يسيطر على القارئ، ولذلك يوجد جزء كبير من شخصية واقعية كتبت، ولكن لم تكن تتوقع بأن هذا الشيء يصبح بهذا الحجم من هذه الكلمات، والذاكرة تصبح بهذه الشحنات العالية والكبيرة، وفي كل هذه التناقضات التي كانت قائمة وموجودة، وهذا الراعي الذي أصبح مربياً".
ويختم : "هذا زمن الشتات، حيث يوجد إحساس عال بالفقدان، وستترك بصمات هائلة على الشخصية، ولكن استطاع بما روى وقال في النص، سواء كان في السيرة،حيث كان عبارة عن سمفونية متواصلة لا تستطيع أن تقطعها بسهولة، يوجد التباس بهذا التناقض بين زعتر عاشه في قلب الوادي، رافقه بماعز لم تتكر في حياته، ولا تتكرر إلا إذا كان في قلب الوطن، لا يمكن أن تتكرر خارج الوطن، وبالمناسبة لو شاهد كل المدن والبلاد ، لكنه لا يمكن أن يشاهد بديلاً لتلك البساطة والبداوة، الحياة البرية التي عاشها في كل تفاصيلها، زعتر فلسطين، ذاك الوطن لا يمكن أن يتكرر، لذلك هو زعتره الاول والاخير وبنفس الوقت هي أمنية أن ما حدث في تل الزعتر يتمناه أن يكون الأخير."
12:20 - 09 تشرين الثاني, 2017
وكالة القدس للأنباء - خاص
عمارته الروائية تكبر تجربةً فوق أخرى، وجديدها حجارة "الزعتر الأخير"، التي حاول من خلالها أن يمزج بين الواقع والخيال.
أسَس رواياته على ظروف المنفى، المخيم، معاناة الشتات وعذابات اللجوء، والحنين إلى الوطن.
اختار الروائي الفلسطيني مروان عبد العال بطله من البيئة التي يغرف منها أسئلته العميقة، التي لا حدود لها، تحدث لـ"وكالة القدس للأنباء" عن روايته الجديدة، والرسالة التي تضمنتها، والذاكرة المشدودة إلى الأرض التي لا بديل عنها.
يقول عبد العال أن "أي عمل روائي له هو جزء من عمارته الروائية الذي يحاول أن يضيف له جديداً، فهناك أسلوب دائماً يكون فيه عدة ألسن، وعدة أصوات ومن مواقع مختلفة، وهذا يؤكد على فكرة التمازج الدائم بين مستويين : المستوى الواقعي والمستوى المتخيل".
وأوضح أن "المستوى المتخيل هو دائماً يحاول أن يعطي صورة أخرى للواقع، ولا ينفصل عنه كما هو الواقع، وليس توثيقاً ولا تأريخاً، إنما الواقع هو كما أراه بعين الروائي.
ويضيف عبد العال: " أنا جزء من الذي كونني وشكل هويتي هو المنفى، هو المخيم، هو هذه القضية الفلسطينية التي نحن نعيش بها، فمن الطبيعي أن تعطيني خيالاً خصباً، ومنحني الشتات مهمة للحفاظ على الذاكرة، ومن هذه البيئة تخرج الرواية ويخرج أبطالها".
ويشير إلى أن العنوان "الزعتر الأخير" هو مفتاح الرواية "ويعكس ما في مضمونها، وأتمنى أن أكون قد وفقت في إختياري لهذا العنوان، لأنها عبارة عن حياة، هذه الحياة تتكرر ولها أسئلة عميقة، بين إنسان اقتلع ليس فقط من أرضه، بل اقتلع من الحلم، وهذا الحلم ظلَ يتواصل معه، وترك فيه آثاراً كبيرة في حياته، إلى المخيم الذي يمثل جرحاً كبيراً، وعندما نقول "الجرح الأخير".. فنحن نتمنى على مآسينا أن لا تتكرر".
ويعتبر عبد العال أن "الزعتر موطن لا يتكرر"، فيمثل الذاكرة، فهو زعتر ينبت في الأرض في وادي الحنداج، المكان الذي عاش فيه بطل الرواية، وبنفس الوقت هو كان لديه ماعز، الصديق الذي كان يرافقه في ذاك الوادي، في تلك الأرض في الوطن، فالوطن هو تلك الأشياء الصغيرة البسيطة في الطفولة، والتي تشعرك بالأمان وتشدك لها. فالصخب الذي عاشه في المنافي، القسوة التي عاشها في الشتات، دائماً تلك الأشياء الصغيرة وطفولته التي عاشت معه".
ويقول: "تستطيع اقتلاع الإنسان من حلمه، ولكنك لا تستطيع اقتلاعه من ذاكرته، فهو هذه الذاكرة التي عاشت فيه، وبالمناسبة هو كان يطلق على الماعز أسم "زعتر"، لأنه كان يحب نبتة الزعتر الموجودة في ذلك الوادي، ولكنه عندما عاش حياته كان دائماً يتخيل ويتراءى شبح هذا الماعز، فهذه الذاكرة الطفولية كانت دائماً تواكبه في حياته".
وحول سؤالنا عن علاقة بطل الرواية بمخيم تل الزعتر، يقول: "لا أستطيع الخروج من هذه البيئة التي صنعتني، ولكن من حقي أن أطرح أسئلة مهمة وكبيرة، كيف لي أن أحمي هذه الذاكرة، ذاكرة فلسطين، هل حماية هذه الذاكرة الآن مازال ممكناً، لأن هناك أجيالاً تتناسل ، لذا القتال على جبهة الذاكرة يعتبر مقاومة، وخاصة نحن أمام ذاكرة ليست فقط تتناسل وتتوارث، ويوجد ذاكرة تتكسر، وذاكرة تغتصب، وذاكرة تستلب، وذاكرة تهاجر، وذاكرة تطلب حق اللجوء، فهل هذه الذاكرة ستبقى بخير، أم أننا مازلنا في هذه المعركة المستمرة ."
ويرى أنه "هنا تكمن معركة حماية وصون البقاء، سواء كان بالمعنى المادي للكلمة، أو المعنى المعنوي للكلمة، بالمعنى الجسدي أو المعنى الروحي، بالمعنى الذاكرة أو بالمعنى الحلم، هذه من الأسئلة التي تطرحها حول فلسطين ليست هي عبارة عن شعارات سياسية، ولكن هي تحول فلسطين إلى تفاصيل صغيرة، في حياة إنسان عايشته، كانت كئيبة منذ بدايتها، فبطل الرواية الرئيسي يبدأ من الموت، ويذهب إلى إنفجار في الذاكرة. الموت نهايةالإنسان، وإذا كانت كذلك هل هو نهاية ذاكرته؟ هل نهاية أحلامه؟ يسير وهو يتلقى ضربات قوية في القلب نتيجة إصابات ونتيجة ظروف عاشها، كان يعتقد أنه ممكن أن يكتب ذاكرته، لكن هو أصيب بمرض نادر جداً وهو مرض الإفراط في الذاكرة، وهي متلازمة الذاكرة، وهذه تعطيه تفاصيل مؤلمة جداً، يتمنى أن ينساها، ولكن سيقولها في هذه الرواية، فهناك تفاصيل خاصة وعامة متعلقة بها. ولكنها حياة شعب عاشها، فلذلك أصبح ضائعاً بين أمرين : بين أن يحافظ على الذاكرة، وبين أن يتخلص من جزء ومن عبء وثقل، ومن حمولة هذه الذاكرة، إلى درجة إنه كان يتوقع أن يتوقف قلبه بعد جلطتين في القلب، إلا أن الطبيب كتب أن الوفاة لم تكن نتيجة توقف القلب، بل نتيجة الإنفجار في الذاكرة".
وحول ما إذا كان يشعر بأن بطل الرواية استطاع أن يتجاوز المؤلف، يجيب: "كل شيء كتب فيها وقالها، شعرت بأنه سيطر على النص، وبالتالي هو سيطر عليَ ككاتب، وسيطر ربما وأريده أن يسيطر على القارئ، ولذلك يوجد جزء كبير من شخصية واقعية كتبت، ولكن لم تكن تتوقع بأن هذا الشيء يصبح بهذا الحجم من هذه الكلمات، والذاكرة تصبح بهذه الشحنات العالية والكبيرة، وفي كل هذه التناقضات التي كانت قائمة وموجودة، وهذا الراعي الذي أصبح مربياً".
ويختم : "هذا زمن الشتات، حيث يوجد إحساس عال بالفقدان، وستترك بصمات هائلة على الشخصية، ولكن استطاع بما روى وقال في النص، سواء كان في السيرة،حيث كان عبارة عن سمفونية متواصلة لا تستطيع أن تقطعها بسهولة، يوجد التباس بهذا التناقض بين زعتر عاشه في قلب الوادي، رافقه بماعز لم تتكر في حياته، ولا تتكرر إلا إذا كان في قلب الوطن، لا يمكن أن تتكرر خارج الوطن، وبالمناسبة لو شاهد كل المدن والبلاد ، لكنه لا يمكن أن يشاهد بديلاً لتلك البساطة والبداوة، الحياة البرية التي عاشها في كل تفاصيلها، زعتر فلسطين، ذاك الوطن لا يمكن أن يتكرر، لذلك هو زعتره الاول والاخير وبنفس الوقت هي أمنية أن ما حدث في تل الزعتر يتمناه أن يكون الأخير."
12:20 - 09 تشرين الثاني, 2017
تعليقات
إرسال تعليق