رواية جفرا.... صدى الترقب والتساؤل والبحث !
رواية جفرا.... صدى الترقب والتساؤل والبحث !
هكذا وصفت أ. شواهنة في تقديمها لرواية (جفرا .. لغاية في نفسها). وذلك خلال لقاء ثقافي حواري مفتوح اقيم يوم الاثنين الموافق 30/7/2018 في مكتبة بلدية جنين العامة /مدينة جنين في فلسطين. وتولى إدارة اللقاء ضيف الشرف الأديب عمر عبد الرحمن نمر، وذلك لتبادل المعرفة لأدباء وكتاب ومثقفين ومجموعة طلابية من جامعة القدس المفتوحة ، لإلقاء الضوء على خمسة روايات لكتاب فلسطينيين.
قدمت أ. سعاد شواهنة رواية : جفرا لغاية في نفسها للكاتب الفلسطيني مروان عبد العال . وقد استهلت حديثها بالتعريف بالكاتب والكتاب قائلة : أحب بداية أن أعرفه من خلال ما تحدث به عن نفسه في إحدى لقاءاته الحوارية في إحدى الصحف إذ قال :" أما أنا، فهو الإنسان الذي ولد في زمن ،،الزينكو ” أي يوم ما كانت البيوت مسقوفة بالتنك وهي مرحلة ما بعد الخيام التي سبقت الولادة بسنوات". الابن الأول لعائلة لجأ أفرادها من قرية “الغابسية ” شمال شرق مدينة عكا الفلسطينية، المولود عام 1957 في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، قرب مدينة طرابلس في شمال لبنان".
الإصدارات الأدبية: مروان عبد العال، كاتب روائي وفنان تشكيلي ومناضل سياسي فلسطيني
نشر العديد من النصوص الادبية والسياسية.صدر له العديد من الروايات:سفر أيوب، دار كنعان ـ دمشق، 2002
زهرة الطين، دار الفارابي ـ بيروت، 2006 حاسة هاربة، دار الفاربي ـ بيروت 2008 جفرا " لغاية في نفسها"، دار الفارابي ـ بيروت 2010 إيفان الفلسطيني، دار الفارابي ـ بيروت 2011 رواية شيرديل الثاني ، دار الفارابي 2013
ستون مليون زهرة ،دار الفارابي 2015 رواية الزعتر الأخير، دار الفارابي، 2018.
تعكس رواية الجفرا لغاية في نفسها قصة فلسطينية كلاسيكية، يتداولها الفلسطينيون منذ النكبة، وكأنها ارتبطت بها و تجذرت هذه العلاقة من خلال مغن ينشد أهازيجه لفتاة يحبها سماها (جفرا) على سبيل التقية، في مجتمع لا يسمح بالغزل ، الجفرا الأسطورة التراثية الشعبية والإرث الفلسطيني صوت الموت المسكون بالانتظار، وصدى الترقب والتساؤل والبحث.
صور في الرواية و شخصياتها :
• صورة موت الجفرا وخروج صوتها كصدى للحياة، هذا الموت يظل محملاً بالأسئلة ويحملها لفنان تشكيلي لا زالت تنقصه صورة الوطن في خيوطه وألوانه ، الجفرا شخصية تمثل اللجوء من وادي المجنونة" وهو اسم شعبي متداول لمكان كانت تعيش فيه عائلة الكاتب عبد العال، قبل اللجوء والتهجير، إلى بلد قريب إذ كان الحديث عن هجرة قصيرة ثم هجرة طالت إلى لبنان.
• صورة الفنان التشكيلي ، وهي شخصية تقارب شخصية الكاتب في زوايا عديدة، وزميلته المعلمة (حفيدة الجفرا) ينبشان قبر صاحب الجفرا، رجل الضباب، الحالم، الشاعر، العاشق والفكرة.
• رجل الضباب انتهت الرواية في حدود بوصول حفيدة الجفرا والفنان التشكيلي إلى قبر الشخصية رجل الضباب ، الشخص الذي رفض الخروج واللجوء من وادي المجنونة في الخامس عشر من أيار " النكبة الفلسطينية" وقلب أيامه بين وادي النسناس وأم الفحم والجليل والقدس، عاش تقلبات الثورة، واختلاف الرؤى والأحوال، ظل الوطن هاجسه إذ ناداه وادي النار إبان النكسة الفلسطينية، وهو الذي لم يسقط السلاح في 1970 ( أيلول الأسود) ورفض الرحيل من الأردن إلى لبنان، لكنه انتهى لصناعته أسماه الجفرا ليكون عطر الوطن الضائع.
"ضياع في كل مكان، كل شيء هون ضياع، المخيم ضياع، حبال الغسيل ضياع، بواب البيوت، حتى الشباب ضايعة.... من يوم ما ضاعت البلاد ضعنا".
• صورة ابنة الجفرا : تمثل حالة من انقلاب واختلاف الأحوال بين النضال والسلطة. فهي الابنة التي رحلت مستجيبة لقلبها مع جيفارا الثائر الفلسطيني إلى تونس لينتهي بها الوقت في غزة. وفي غزة ترقب ذلك الاختلاف بين العاشق الذي خرجت معه، وبين الرجل الذي تعاشره، فتتحدث عن كيف تخلق بسمة بلاستيكية تضعها فوق شفتيها المطلتين بلون دموي، لتستقبل بها رجل البيت العتيد وهو العابس دوما ليضفي على شخصيته هيبة دكتاتور، وقد صارت أُمّاً لأربعة أطفال، صار ممنوعا عليها أن تبتسم من قلبها، وأن تمازح شابا، وحتى أن تتجول في الشوارع، ولا تستطيع السير دون غطاء رأس، ولا بد أن يرافقها طفل إذ اضطرت للخروج كي يمنع التحرش بها.هكذا تروي كيف تبدل الوطن.
• صورة الخاتم : الجفرا بعد اللجوء تزوجت رجلاً تحبه تهبه الجسد وتحبس عنه الروح. أما فقدها الأكبر فكان الخاتم الذي قدمه لها رجل الضباب واعداً بزواج لم يأتِ، الخاتم الذي انتزعه من يد مجندة بعد معركة طويلة، المجندة ترى في الخاتم ذاكرة أخرى فهي ورثته عن أمها التي ورثته عن زوجها وهو أحد ضحايا الهوليكوست.
وقد تم فتح باب الحوار والنقاش حول محاور الرواية و زواياها و تحدث المشاركون عن عدة مضامين مثل :
صورة اللجوء والارتباط بالوطن رغم الشتات والتهجير، ودور هذه الأعمال في إيقاد شعلة الذاكرة الحية.
تساءل عدد من المشاركين عن اتساع المدى التاريخي الذي تعرضه الراوية من النكبة و صولاً إلى غزة الحديثة اليوم و ما آلت إليه، واستخدام محاور تاريخية عديدة.
قدمت الكاتبة إسراء العبوشي في مداخلتها تساؤلاً حول ماهية الصورة التي تعرضها الرواية لقطاع غزة عامة، وصورة المرأة استغربت مثلاً من الصورة التي عرضت بها ابنة الجفرا و كأن الزي و الرداء والأبناء تهمة، وشيء سيء .
وقف بعض المشاركين عند صورة المناضل الذي التزم بروح النضال مع اختلاف مراحل القضية الفلسطينية وما انتهى إليه من حضور خافت في مكان بسيط يصنع فيه عطر الوطن الضائع، ورأى المشاركون في هذا صورة حية لما تؤول إليه مصائر القابضين على رَوح الوطن والمتمسكين فيه.
أضافت سعاد شواهنة خلال نقاش هذه المحاور إن هذه الرواية ليست رواية حديثة للكاتب وقد صدرت في العام 2010، ولكني وجدت فيها مادة جيدة يمكن أن تكون حية لجيل الشباب، حيث تعرض مسيرة النضال الفلسطيني و تقلباته تاريخياً من خلال قصة تراثية شعبية نتداولها و نعرفها و نغنيها جميعاً عن شخصية الجفرا ، ونذكر أن الكاتب لم يشهد النكبة ولكنه نقلها من خلال ما توارد إلى مسامعه من عائلته، وهذا يشكل إشارة هامة وحية حول التمسك بالوطن، أما بالنسبة لصورة ابنة الجفرا فقد عرضت بهذا الشكل لإيضاح الفرق الواضح في مسيرة النضال واختلاف الشكل وفي الرواية مقاربة واضحة بين الانتفاضة الفلسطينية الشعبية 1987 و صورة غزة بعد العام 2006، وحقيقة الرواية لم تذكر المسميات التي تناولتها " حرب 67"، النكبة، أيلول الأسود وغير ذلك بشكل صريح، حيث أن هذا لا يصلح للتناول روائياً، ولكني استخدمت المسميات الصريحة في عرضي للرواية لتكون أقرب وأوضح إلى ذهنية الحضور .كما تم استعراض وتقديم للروايات التالية "آخر الأبواب الموصدة" لابتسام أبو مياله تقديم أ.إسراء عبوشي ورواية "يافا" لنبال قندس، تقديم أ.سحر أبو زينة ورواية "آخر الحصون المنهارة" لمشهور البطران، تقديم أ. نسيم قبها
ورواية" رفقا بما تبقى" لزينة، تقديم أ.نادية فهمي. وجوى تفاعل ونقاش من الحضور للأعمال الروائية .
تعليقات
إرسال تعليق